الحرير/
بقلم/حسين الذكر
( كان أبوه طبيب ملك مقدونيا وعاش بأثينا كأجنبي لم تكن له حقوق سياسية تسمح له الطموح بالحكم وتتلمذه على يد أفلاطون) ثلاثة عوامل أساسية اثرت بمنهجية ارسطو السياسية .
الغائية المجتمعية عند أرسطو : غاية الإنسان إشباع حاجاته الأساسية . ولكونه مخلوق ناقص اضطر للتعاون مع انسان آخر لسد حاجاته .. أي انه كائن اجتماعي بالفطرة وأن الاسرة هي الخلية الأولى في بناء المجتمع ومن خلالها تستهدف سائر الحاجات الإنسانية ورغبة منه في تحقيق حياة أسمى دفعته إلى التجمع أكثر حتى تشكلت القرية، ثم طمح بالافضل فتجمعت عدة قرى ونشأت المدينة ثم الدولة التي هي أسمى من الفرد والعائلة والمدينة لأنها تمثل الكل والكل أسمى من الجزء) .
الدولة انشات لغرض خير الجميع وازدهارها لا يتم الا بحكمها وفقا للقوانين وليس اهواء الفرد مهما كان .. مؤكدا في كتابه (علم الأخلاق) : هناك تلازم وثيق بين الأخلاق والسياسة وأن الدولة الفاضلة هي التي تشكل وسطًا بين ارستقراطية المال وديمقراطية الشعب وهذا يعني حكم الطبقة الوسطى . رافضا شيوعية استاذه افلاطون لان الغاء الملكية الخاصة يقضي على الحافز لدى المتفوقين مؤكدا ( ان الناس عادة لا يهتمون إلا بما يملكون ) .
تحقيق العدل الاجتماعي عنده أساس لتلافي المنازعات الداخلية ، معتبرا طبقة المواطنين ( علم واخلاق وشرف وانتساب ) هي التي تمتاز بالتشريف السياسي والقادرة على الحكم .. أما الطبقات الأخرى ( العمال والحرفيين ومن لا يمتلكون أي تاهيل علمي وثبات أخلاقي ) غير مؤهلين للاشتراك في الحكم اذ ان الطبيعة أهلتهم فقط لتلقي الأوامر. مؤكدا بذات الوقت : ان أي حكومة ( ملكية او اقلية او ديمقراطية ) تلتزم بالقوانين وتحقق العدالة الاجتماعية وتستهدف الصالح العام هي حكومة صالحة عدا ذلك فهي حكومات ( فاسدة مستبدة فوضوية ) مهما كانت عناوينها ومسمياتها .
شوهد خليفة المسلمين علي بن ابي طالب يجوب أسواق عاصمته الكوفة ويعض الناس : ( ان الأسواق موارد الشبهة ومن اتجر بغير علم ارتطم بالربا وينبغي ان يسود السوق من يعقل البيع والشراء ) . يقول ميثم التمار شاهدت عليا ومعه خادمه قنبر في سوق الكرابيس وقد سال احد الباعة : - ( عندك ثوبان بخمسة دراهم ) .. فأجاب : ( نعم يا امير المؤمنين ) .. فما ان سمع كلمة امير المؤمنين أي ان البائع عرفه ، تركه وانصرف الى آخر ، ساله :( عندك ثوبان بسعر خمسة دراهم ) .. فقال : ( نعم عندي احدهم بثلاثة وآخر بدرهمان ) .. فالتفت رئيس الدولة الإسلامية آنذاك الى خادمه قائلا : ( خذ القميص الذي بثلاثة دراهم ) ثم ارتدى هو القميص بدرهمين . فقال له قنبر : ( سيدي أولى به ، فانت خليفة المسلمين وتؤم بالصلاة وترتقي المنبر ) . فأجاب الامام : ( خذه يا قنبر انك شاب وسمعت رسول الله (ص) يقول : ( البسوهم مما تلبسون واطعموهم مما تطعمون ) . ثم لبس الامام قميصه واذا بردنه اطول من الأصابع . فقال للبائع: اقطع الزائد ، فقطعه وحينما أراد ان يخيطه له . مشى الامام قائلا دعه كما هو فالامر اسرع من ذلك . أي ان عمر الحكم ليس طويل ، مجرد أيام وينتهي مهما كانت سلطاتك وصلاحياتك .