الحرير/
بقلم/عامر القيسي
إنخدعت إمراة من ذاك الزمان بسمعة جحا ،التي كان يغطيها بظاهر ورعه ، وهي جارة له ، فأودعت لديه ديناراً على ان تسترجعه بعد ان تعود من رحلة لها لاحدى قريباتها ، وحين عودتها ذهبت الى جحا لاستعادة امانتها فاعطاها جحا فلساً، استغربت المرأة وسألته :
- أعطيتك دينارا ياجاري فتعيده لي فلساً !
فقال لها جحا :
- يا إمرأة احمدي ربك واشكريه فقد فرّخ الدينار فلساً ، وهكذا تأتين صباح كل يوم لتأخذي فلسا مع بقاء دينارك على ما هو عليه !
صدّقته المرأة وفرحت بما سياتيها من تفريخات الدينار . استمر الحال لثلاثة ايام ، وفي اليوم الرابع خرج اليها جحا حزيناً فاضي اليدين وقال لها :
- لقد مات الدينار ياجارتي العزيزة !
إندهشت المرأة من قوله وسألته :
- كيف يموت الدينار ياجحا ؟
غضب بوجهها جحا وقال لها :
- تصدقين ان الدينار يفرّخ ولاتصدقين انه يموت ..اغربي عن وجهي .
طبعاً المرأة لاتستطيع الشكوى لاللقاضي ولا للناس فقد ابتللعت الطعم وهذا شيء منطقي فالتي تصدّق بتفريخ الدينار عليها ان تصدق بموته !
تلك حكاية من الزمن البعيد ولدينا منها حكايات في هذا الزمن القريب ، فقد اودعنا اموالنا بيد اناس اعتقدنا بورعهم الظاهري فاكلوا علينا الاخضر واليابس بعد ان اعادوا لنا " الفلاسين " من اماناتنا !
هذا ماحدث من نور زهير بالمليارات التي اتخم نفسه بها ومن يقف وراءه ، فاعاد التفاليس ، من باب رفع العتب وذر الرماد في العيون ، وتغطى بالباقي الكثير ،واطلق سراحه بكلمة شرف باعادة الباقي الاكبر ، ودليلنا ان مرّ اسبوعان على مهلة اعادة هبرة اللحم الكبيرة التي منحها له القضاء ووعد بها السوداني فلا الأموال عادت ولا نور زهير عاد الى السجن فهو حر طليق !!
والحال نفسه تكرر مع هيثم الجبوري الذي كان من كبار دعاة محاربة الفساد المالي لنكتشف انه من الفئة التي لاترضى بالملايين فمرتبته بين الفاسدين هي مرتبة المليارات ، وعلى طريقة جحا اعاد الجبوري اربعة مليارات من الدنانير والباقي 17 ملياراً لااحد يعرف اين هي ومتى تعود ، والاغلب الأعم انها لاتعود على الاطلاق ، لكن الرجل اطلق سراحه بكلمة شرف باعادتها وهو الآن حراً طليقاً !
وفاسدونا حقيقة اذكى من جحا ، فهم والشهادة لله لايسرقون من المواطن مباشرة بل من خزائن الدولة التي افلسوها ن وهم الاذكى لان جحا كان يعتمد على نشاطه الفردي محميا بطرافته في غالب الاحيان في حين الجماعة لايؤمنون بالطرافة ويشتغلون بروح التعاون الجماعي المثمر ، فالعمل الجماعي أوفر انتاجاً وأضمن حصانة من القانون ورعاته والأقرب الى شعار " حاميها حراميها " في مواجهة شعار الجوكرية " باسم الدين باكونه الحرامية" !