الحرير/
بقلم: كاظم فنجان الحمامي
لاشك أن الخارطة التي تطرقنا لها في الجزء الأول، والتي تقدمت بها قيادة القوة البحرية العراقية، كانت هي الضربة القاصمة لحقوقنا في خور عبدالله، فقد جرى الاتفاق بين القوتين البحريتين ( العراقية و الكويتية) من دون علم وزارة الخارجية، وذلك تحت غطاء ما يسمى (بروتوكول المبادلة الامني)، والذي تم التوقيع عليه بإشراف قوات التحالف. فكانت هذه الهفوة من أخطر الأخطاء التي ارتكبها العراق، وتنازل فيها عن حقوقه في خور عبدالله. ومن ينظر الآن إلى خارطة بروتوكول المبادلة يرى ان مساحة الدوريات الكويتية أتسعت كثيراً، حتى أقتربت من نقطة لا يتصورها العقل، وصارت تصول وتجول فوق امتدادات رأس البيشة، وتقف على مشارف كاسر الامواج في ميناء الفاو الكبير، ويبدو أن قيادة القوة البحرية العراقية هي التي أقتنعت قبل أكثر من عشرة أعوام بتوزيع المهام، فسمحت لزوارق الدورية الكويتية بالوصول إلى الممر الملاحي في قناة خور عبدالله، ومضايقة سفن الصيد، والسفن التجارية التي كانت تقف على المرساة في منطقة الانتظار، أو القوارب والسفن المساعدة المتحركة جنوب القناة، وهي منطقة بحرية عراقية خالصة. .
وهذا يفسر السر الخطير وراء توقف مفاوضات ترسيم البحر الإقليمي، الذي يقع بحدود 12 ميلاً بحرياً عن سواحل كلا البلدين ( الميل البحري يساوي 1852 مترا). أخذين بعين الاعتبار أن القوة البحرية الكويتية هي التي سارعت بتفعيل بروتوكول المبادلة الامني بينها وبين قيادة القوة البحرية العراقية. ثم جاءت إتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله، والتي طرحتها وزارة النقل عام 2012, لتضيف عبئاً جديداً على العراق، وكانت الطامة الكبرى عندما وافق مجلس النواب على قانون تصديق إتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله بين العراق والكويت بالرقم (42) لسنة 2013. وبعد عام واحد فقط من المصادقة على تلك الاتفاقية، باشرت الكويت بنصب محطة للمراقبة فوق منطقة فشت العيك في خرق واضح وصريح للاتفاقية، وللخطة المشتركة الملحقة بالإتفاقية المبينة في البند (خامسا) / التسلسل 2 ، والذي ينص على وجوب إنشاء محطتين للاتصالات الراديوية: واحدة في ام قصر، وأخرى في الشويخ. لكن الكويت أختارت فشت العيك في خطوة زاحفة وموازية تماماً لخطوط التماس مع الممر الملاحي المخصص للسفن التجارية المتوجهة إلى ميناء أم قصر. .
وحتى نكون أمناء في سرد التفاصيل نذكر أن الكابتن ( كريم جبار السوداني) كان في طليعة المحذرين عام 2019 في الاجتماع المنعقد في مقر وزارة الخارجية، وبحضور أعضاء جميع اللجان، عندما قال لهم: ( أن الممر الملاحي لقناة خور عبدالله بعد الدعامة 162 يصبح تلقائياً ضمن المسطحات السيادية العراقية، وسوف يمر خط المنتصف على وجه الاعتياد بفشت العيك، وبالتالي فإن المنصة التي بنتها الكويت هناك تكون ضمن المنطقة العراقية).
ولكنه واجه اعتراضات من بعض المشاركين في الاجتماع، ما أضطره فيما بعد لتقديم عرضا مفصلا بحضور مدراء التشكيلات، وأستطاع أن يحصل على قناعة الوزير (عبدالله لعيبي) وقتذاك، فمنحه الدعم الكامل لمواصلة دفاعه عن حقوق العراق في خور عبدالله. لكنه أحيل بعد بضعة أشهر إلى التقاعد ليترك وراءه فراغاً كبيراً في هذا المعترك المربك، ومن حسن الحظ كانت الاجتماعات اللاحقة المتعلقة بخط الأساس بمشاركة الدكتور جعفر المؤمن من مجلس الدولة، وكان (المؤمن) مؤمناً تماماً بقدرات كابتن كريم في هذا المضمار، فأستدعاه مرة أخرى للحضور عام 2020 بأسم مجلس الدولة. .
وسوف نواصل متابعة التفاصيل في الحلقات القادمة إن شاء الله. . .