recent
أخبار ساخنة

في سوريا .. قاسيون ما زال مشرقا !

الحرير/
بقلم/حسين الذكر
قبل قطع التذاكر سالت كثيرا عن إمكانية النزول في مطار اللاذقية فلم اجد طائرة تقلني هناك .. حيث صعوبات العداء العربي والدولي تعتري ذلك .. اضطررت النزول في مطار دمشق ومنه استقلت ( البولمان ) اذ تصطف عشرات الباصات في كراج كبير يحتشد به الناس في رحلات تجري على قدم وساق خلال أربعة وعشرون ساعة .
 ( البولمان ) .. تجسيد للصمود والحياة حيث يربط العاصمة مع بقية المحافظات كشريان دافق ما زال ساري المفعول برغم كل القرارات الدولية المجحفة التي ارادت خنق سوريا  .. 
قاعة الأسد الكبرى في اللاذقية كانت محطتي الأولى للحديث عن السوشل ميديا كوسائل حرب ناعمة .. ملبيا دعوة كريمة من وزارة الثقافة السورية – مديرة الثقافة في اللاذقية وقد حضرها الكثير من النخب المجتمعية لمختلف الشرائح ... في محاضرة نالت الرضا وتجلت بحسن الاصغاء والتفاعل باسئلة عبرت عما يجيش في الصدور ويختمر الضمير ويدور ببال شعب لم يتوقف يوم من رفع راسه برغم الاثقال والمسؤوليات المكدسة على عاتقه .
باجراء لم يكن مبرمج وبناء على الانعكاس الإيجابي للاذقية تقرر الذهاب الى طرطوس بمحاضرة في مقر الكتاب العرب .. لم تكن اقل تاثيرا وحراكا هناك الا ان النمط الادبي سيطر على الأجواء التي دارت عن اثر التواصل في عصر العولمة . ثم عدنا لجلسة ثالثة في جبلة تلك المدينة الساحلية التاريخية التي ما انفك البحر الأبيض المتوسط يحاكي انفاس الناس ويداعب مشاعرهم ويخفف المتاعب بموجه الغارق بالاحساس والصارخ لرفع الحصار عن كاهل شعب شاعر ومرهف المشاعر .
من العاصمة حتى مدن الساحل التي تفصلهما اكثر من اربعمائة كغم لم اشاهد ما يعكر الصف او يؤخر السير .. فالحافلات تمشي الهوينا قاطعة الزمكان وعابرة للظرف ملؤها التفاؤل .. بطرق بدت باحلى حلة مؤمنة نظيفة على طول المسافة .. مع محطات استراحة ضمت كل مستلزمات الراحة .. حركة البولمان فيها لم تكن وفقا لمزاج السائق او طلبات المسافرين .. كل شيء محسوب بتعليمات معدة سلفا وتؤمن ديمومة الحركة والتواصل  .
هنا ظهرت بعض المنشئات تحتاج الى ادامة او تجديد  .. الا ان العمران لم يتوقف .. فجامعة تشرين ومستشفى اللاذقية وزحمة الناس وسط الميدان نابضة الجمال مرفوعة الراس والقلوب دافقة بكل ما اؤتيت من قوة لمصارعة هول الأعداء ومرارة ضمير الأصدقاء حتى يرفع الجور عن ارض الحضارة ونقطة التقاء العالمين . 
شاهدت اعدادا من المتسولين .. وقد حدثني الأستاذ عدنان إبراهيم سلوم الانموذج للمثقف الواثق العارف الذي جالسته بجمالات الرحلة في (جبلة) وانسابت احاديثه شيقة تزيح الغبار وتشق عرى الغبش عما يجري.. اذ بدى ملم عالم بالاحوال : ( الاعم الاغلب من هؤلاء المتسولين ليس معوزين بل يمارسون مهنة الارتزاق وربما هناك اجندات تديرهم .. اذ الفقير لا يتركه الجيران جائعا مهما اعتصر الحال .. فالمجتمع السوري يعيش التكامل والتواصل والتعايش بأفضل صوره ) .
في مديرية الثقافة باللاذقية وجدت مؤسسة ثقافية حقيقية تمارس دورها بشمولية الكلمة من قوة وثبات ومنهجية .. وتدار بملاكات تعرف واجبها وتؤدي أدوارها جنبا الى جنب مع بقية المؤسسات التي تصنع الامل  .. 
شاهدت البعض ينظفون الشوارع ليلا ونهارا بروح تطوعيه يعلمون الأجيال حفظ الأرض والعرض ومسؤولية ادامت الصمود وصناعة النصر .. والامتزاج مع تلك الدماء الطاهرة التي ترفد ماء الفرات لتحيا سوريا وتتبضع الناس مما تجود به (الضيعات) وما انبئت الناس وعلمت الآخر فن الحياة .
google-playkhamsatmostaqltradent