recent
أخبار ساخنة

الأُردن الوطن مَلِكَاً وَدَولَةً وحُكُومَةً وشَعْباً.. ونصر الكرامة

الحرير/
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح.
 بعد نحو شهرين أثنين، في الـ21 من مارس/آذارالمُقبِل، سنحتفل مُجدداً بالذكرى الـ56 لانتصار الأردن المُؤزر الذي أحرزه أبطال الجيش العربي الأُردني في "معركة الكرامة" المجيدة، التي هُزم فيها جيش الاحتلال الصهيوني شر هزيمة سجلها التاريخ العربي والعالمي في وثائقه وفي تاريخ الأحداث التي تشهدها منطقتنا العربية، فقد كان زُعماء الكيان الغاصب؛ المدعومين تسليحاً ومالاً وإعلامياً من طرف أمريكا والغرب الجماعي؛ الذي فتح أمامهم كل ترسانات أسلحته لتصديرها لهم مجاناً؛ يدّعون على مدار عشرات السنين المطوية التي سبقت معركة الكرامة، بأنهم يديرون جيشاً "متألقاً!" و "لا يقهر!"، لكن، تم ببساطة وبجهود الرجال الرجال الأشاوس قهره، وسحقه على الأَرض الأُردنية، التي شهدت سيلان دماء أعداد كبيرة من هذا الجيش المُعتدي على الأَرض الأُردنية المُقدَّسة، لتولي فلوله هاربة ومذعورة ومرتجِفة، بل وباكيةً بعدما تم تدمير قواها وسحقها كما لم يكن من قبل في تاريخها العدواني على فلسطين وعلى عددٍ من الدول العربية، فقد شهدنا آنذاك، وأنا أتذكر تماماً كل تلك المَشَاهد البطولية النادرة الحدوث في عالَم المعارك التي اجترحها الجيش العربي الأُردني، وسحقه آليات العدو بخاصةٍ الثقيلة منها، والمُشاة أيضاً، فأفضى ذلك ألى سقوط مروِّعٍ لمقولة تل أبيب والصهيونية الدولية - التي طالما نشرتها في مختلف رياح العالم - ومفادها الكاذب أن جيشها "لا يُقهر!"، لكن الأُردن وجميع الأُردنيين ومن ناصرهم من القوى، والأَرض الأردنية ورجالاتها الشامخين، وعلى رأسهم آنذاك كان جلالة المرحوم الملك الحسين بن طلال، قد قهروا العدو، وأذلوه كما لم يكن من قبل في تاريخه، وطردوه شر طردة من أرضنا المُقدَّسة شر طردة، حتى بكى جنده وقادتهم لأول مرة في تاريخ حروبهم التوسعية.
 قبل معركة الكرامة لم يُقهر العدو بشكل شامل وكامل، وإن كان قد تعرّض لخسائر كبيرة في معاركه العدوانية العديدة على فلسطين والفلسطينيين، وعلى الأردن والأرض المقدسة وفي الخامس من حزيران سنة 1967م، إذ إنه احتل جزءاً كبيراً من فلسطين التاريخية، ليعتقد حينها واهماً بأنه غدا "القوة الأُولى في الشرق الاوسط" كما صار يشيع ويُكرِّر، ويستطيع وضع ولو موطئ قدم على أرض شرقي نهر الأردن باحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمني للكيان الصهيوني، لكن تطور الأحداث حتى بداية معركة الكرامة وبعد انتصارنا فيها، قد أفضى إلى هزيمة العدو، وتلطيخ سمعة ومقولة "الجيش الذي لا يقهر!"، والذي كان يدَّعي بأنه "القوة الوحيدة التي لا تتراجع"، فتم قهرها وسحقها على التراب الأُردني بالذات، لتتقهقر بسرعة عن أرضنا إلى الخلف، إلى عُمق الأَرض المحتلة خائبة وباكية ومرعوبة، بل ومهرولة بسرعة البرق صوب كيانها المُصطنع بريطانياً وأمريكياً وغربياً، فقد تم تمريغ وجوه عسكر الجيش الإسرائيلي وقادته بالتراب ووحول الذلّ، والذي أصبح سمة يمتازون بها، بعدما سالت عليه دماء كثيرة لهؤلاء التوسعيين مِمَّن ولوا هاربين ومذعورين وفزعين أمام جحافل الجيش العربي الأُردني والقوى الحليفة له. لذلك، نلفت الانتباه للحقائق، ونُعيد تأكيد الوقائع التي بين أيدينا، والتي تؤكد أن الدولة الأُردنية باتت أقوى من أي وقت مضى بفضل قيادتها الهاشمية الحكيمة، وعلى رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، ولأن شعبنا متآلف ومتماسكة عناصره الشابة والشجاعة والمثقفة والواعية الخبيرة بأخطار العدو ومَن يقف من خلفه من قوىً رجعية داعمة له ونافخة في بوقه الإمبريالي والرجعي.
 لقد أكد الجيش العربي الأُردني بقيادته الحكيمة، وطوال الفترة المنصرمة وإلى اليوم، بأسه وقوته الفولاذية، وهو واقعياً يُعتبر واحداً من أفضل الجيوش وأقواها في المنطقة العربية ومنطقة "الشرق الأُوسط"، إذ يُنظر إليه، كما في عددٍ من المراجع الأجنبية، على أنه ممتاز التدريب والتنظيم والتجهيز، فالجيش الأُردني يشغل ترتيب متقدم جداً على قائمة أقوى الجيوش في العالم، فقد كانت القوات المسلحة الأُردنية آنذاك بقيادة مشهور حديثة الجازي الخريشا،  وهو سياسي وعسكري أردني تولّى قيادة ما عُرف آنذاك بالجبهة الشرقية عام 1965، وبعد نكسة حزيران 1967 كُلِّف بقيادة الفرقة الأولى التي كانت في طليعة القوات لمواجهة العدوان الصهيوني على الأُردن ورده على أعقابه في معركة الكرامة.
 كذلك، تؤكد المصادر الأردنية أن هدف ما يًسمّى بِ "إسرائيل" من الحرب ليس هو الهجوم بغرض تدمير قوة المقاومين العرب في بلدة الكرامة، بل أن الهدف الحقيقي كان احتلال العدو للمرتفعات الشرقية من الأردن، والاقتراب من العاصمة عمان للضغط على القيادة الأردنية لقبول شروط الاستسلام التي أراد العدو الصهيوني فرضها، ولأن الكيان الغاصب كان يعمل ويخطط إلى توسيع مساحة حدوده، من خلال ضم أراضي جديدة من الأردن إلى كياته الأخرق، بالإضافة إلى سعي تل أبيب إاحتلال أراضٍ أردنية واقعة شرقي النهر، وصولاً إلى التمسك بها بقصد المساومة عليها نظراً للأهمية الاستراتيجية لهذه المرتفعات، لكن كل هذه المخططات وغيرها تم قبرها أردنياً مرة وإلى الأبد، وسيبقى الأُدن الهاشمي عصياً على الاحتلال وعلى مَن ينفخ في بوقه المَخروق.
..انتهى..
google-playkhamsatmostaqltradent