الحرير/
بقلم/ عامر جاسم العيداني
تعيش البصرة أزمة اقتصادية خانقة منذ عشرات السنين رغم التغيير عام ٢٠٠٣ لم تنلْ حصتها الحقيقية من واردتها التي ترفد بها الموازنة العامة والتي تقدر ب ٨٧% منها ، إلّا النزر اليسير وبمقدار ١% والتي لا تغطي حاجاتها الأساسية من الخدمات العامة ، وتنقطع عنها عندما تحدث صراعات سياسية والتي تسببت بعدم إقرار الموازنة وتؤدي إلى توقف الحياة فيها ، رغم ان مجلس النواب قد أقرَّ البصرة عاصمة العراق الاقتصادية عام ٢٠١٧ والذي اشترط تنفيذ هذا القرار بإصدار قانون ينظمه ولكنه لم يُقرْ لغاية اليوم .
يقول مراقبون "قانون البصرة عاصمة العراق الاقتصادية" حاله حال كثير من القوانين التي تُشرّع ولا تُطبق، ويعتقد هؤلاء أن هذ القانون يمكن أن يحدث ثورة تنموية واقتصادية شاملة وينهض بالمستوى المعيشي والاقتصادي للمواطن البصري والاستثمار الأمثل للموارد الاقتصادية والبشرية، فضلا عن دوره في تطوير البنى التحتية وتوسيع الموانئ بما يتناسب مع الموقع الإستراتيجي للمحافظة.
ويُعنى هذا القانون بوضع الأساس القانوني والإداري لمواكبة تطور مراكز التجارة في المنطقة بإنشاء مركز تجاري عالمي في البصرة وبناء مناطق تجارية حرة ضمن الحدود الإدارية للمحافظة تُطبق عليها الأحكام القانونية الخاصة بالمناطق الحرة وترتبط بأمانة العاصمة الاقتصادية.
بالإضافة إلى أن البصرة ترفد الموازنة العامة بايرادات الموانئ والجمارك والمنافذ الحدودية والضرائب وايرادات دوائر المرور وغيرها ، ولا تحصل منها إلا القليل الذي لا يغطي حاجاتها الحقيقية .
هنا نتوقف ونتساءل لماذا البصرة تعامل من قبل الحكومة المركزية على أنها مصدر للموازنة التي توزع لكل المحافظات ولا تحصل إلا على القليل منها؟ أليس استحقاقها أكبر يمكنها من بناء صناعة وطنية وادامة الزراعة وخاصة النخيل وتطوير موانئها التي كلها تخلفت وقسم من مصانعها أغلق وتدهورت الزراعة بسبب تصاعد المد الملحي فيها لقلة الاطلاقات المائية ولم تعمل على إيجاد الحلول لها؟
إن العراق في دستوره دولة اتحادية فيدرالية ونصّت المواد ١١٦ إلى المادة ١٢١ أعطاء الحق بإقامة الاقاليم وتنظيمها ، فعليه من حق محافظة البصرة أن تكون إقليما تدير شؤونها من قبل أبنائها وتحصل على حقوقها من ثرواتها لغرض بنائها بالطريقة المناسبة لترتقي إلى مستوى موانئ العالم باعتبارها المنفذ المائي الوحيد للعراق ولتكون قبلة للمستثمرين من كافة أنحاء العالم ، وتهتم بأبنائها وذلك بتوفير فرص العمل لهم وانقاذ اهلها من حالة الفقر والتدهور الصحي وبناء وتطوير موانئها لتكون ممرا رئيسيا لتجارة العالم من الشرق إلى أوربا .
إن البصرة تأخرت كثيرا في اللحاق بالركب العالمي بسبب المركزية ودكتاتوريتها التي خنقت تطورها ، والتي من المفروض أن تكون من أفضل مدن الخليج لما تمتاز به من موقع جغرافي متفرد عن كل مدن المنطقة .
حان الوقت ليلتفت أبناء البصرة ويطالبوا بالإقليم ويتخلصوا من الذهاب إلى بغداد من أجل إنجاز معاملة شخصية أو الحصول على موافقة لتبليط شارع أو بناء مستوصف ، وتكون ثروتهم بأيديهم لبناء كل ما تحتاجه من مؤسسات وإدارتها من قبلهم، وخصوصا الصحية لعلاج المرضى الذين أصيبوا جرّاء الغازات المنبعثة من حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط ، وهذا الأخير يجب أن يستثمر بدل حرقه ليكون موردا اضافيا وغيرها من المؤسسات المهمة التي تحتاجها للنهوض بواقعها .
وكذلك تطوير مؤسساتها المتخلفة نتيجة سوء الإدارة وعدم وجود صلاحية للحكومة المحلية بإجراء اي إصلاحات لها بسبب ارتباطها بحكومة المركز بالإضافة الى عدم إمكانية مراقبة أدائها من قبل الحكومة المركزية لبعدها عن مركز القرار في بغداد .
ونود أن ننوّه إلى أن هناك قوىً سياسية ناشئة أخذت على عاتقها بالمطالبة بإنشاء إقليم البصرة وتعمل جاهدة من أجل إخراجه إلى أرض الواقع، وهي تخوض معركة انتخابات مجالس المحافظات مثل "تجمع الفيحاء الفيدرالي ، وقوى سياسية أخرى بدأ صوتها يعلو بالتصريحات على القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي .