الحرير/
بقلم/د.محمد العبادي
الإعتداءات تكرر من جانب الغرب ضد المسلمین والمقدسات الإسلامية ،ولايمكن لعاقل أن يعتبرها تصرفات فردية لاتمت بصلة إلى غرف الغرب الجماعي .
لقد إستهزأ المرتد سليمان رشدي بالنبي الكريم وبالإسلام العظيم ،ووفرت له الأنظمة الغربية الحماية ،ثم تبعته البنغلاديشية تسليمه نسرين وأحتضنتها السويد ثم بلدان غربية أخرى.ولم يكفوا أيديهم عنا ،بل زادوا إمعاناً وصدر عن الصحف الدنماركية والفرنسية والألمانية رسوماً كاريكاتيرية ساخرة ،ومقالات تستهدف الإسلام في الصميم ،وأنبرت أحزاب يمينية متطرفة وحكومات غربية لحماية تلك الأقلام المغرضة .
لم يكتفِ الغرب المتحد ضدنا بمهاجمة الحجاب في بلدانهم ،بل جاؤوا إلى بلداننا الإسلامية ،وقاموا بتحسين خلع الحجاب وزيَّنوا للمرأة فعل ذلك ،وحسبنا أن نشير إلى ما جرى في إيران تحت ذريعة حجاب السيدة (مهسا أميني )وما أفتعلوه من أعمال الشغب وتشجيع على نزع الحجاب ،مع العلم أن البلدان الغربية ـ التي تدعي أنّها تدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ـ قد تعاملت بفظاظة حتى مع النساء في دولهم ،وحسبنا أن نشير إلى فرنسا في تعاملها مع المتظاهرين،أو إلى أمريكا وتعاملها العنصري مع الملونين وحتى مع أصحاب الأرض الأصليين (الهنود الحمر).
لقد سكت الغرب؛بل أيّد الإنتهاكات الخطيرة والكبيرة التي يرتكبها الصهاينة ضد الفلسطينين وحسبنا أن نشير إلى قتل أكثر من (28)طفلاً فلسطينياً منذ بداية العام الحالي وحتى هذه اللحظة، ثم يأتينا الإعلام الغربي ليبيع لنا سلعته المزجاة في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان .
لم يكتفِ الغرب بمهاجمتنا عسكرياً بإحتلال أراضينا أو تأسيس قواعد عسكرية وإستخباراتية له ،ولم يكتف الغرب بمهاجمتنا إقتصادياً في حصار بلداننا وسرقة ثرواتنا أو تحويل بلداننا إلى أسواق تستورد بضاعته ،ولم يكتف الغرب بمهاجمتنا إعلامياً بتخويف النّاس من الإسلام والمسلمين ،ولم يكتف بمهاجمتنا ثقافياً بإنشاء مراكز ومؤسسات مدنية تستهدف قيمنا وتنشر الخلاعة والعري والمثلية وتبرر لهم شذوذهم .
لم يكتفِ الغرب بكل ذلك ،وإنما وفّر الحماية والمساندة لكل من سعى ويسعى إلى إهانة المسلمين وقيمهم .إنّها حماية لحرية الفرد العدواني والإستفزازي على حساب الحرية والمشاعر الجماعية لملياري مسلم يسوقها الغرب الإستعماري إلينا .
إنّها حماية وتحميل لثقافة الغرب على حساب تسفيه ثقافتنا ومقدساتنا ورموزنا. إنّها في واقعها ثقافة إستعلائية تنظر للآخرين نظرة إستصغار وإحتقار وسايرهم فيها كل مَن في قلبه عقدة الدونية .
إنّ حرق القرآن والإستهزاء بالمقدسات والرموز الدينية للمسلمين عبارة عن منهج متأصل في تلك الأنظمة الغربية الإستعمارية وسيستمر بين الفينة والأخرى .
ولأجله لابأس أن تصدر الحكومات والأحزاب بيانات التنديد والإستنكار الشديد ،ولابأس أن تقوم التظاهرات ضد الإساءة لمقدسات المسلمين ،ولابأس بحرق العلم السويدي والدنماركي أو قطع العلاقات مع هذه الدولة أو تلك .
لكننا في واقع الحال بحاجة إلى إيجاد تشريعات على المستوى الثقافي والإجتماعي،وإتخاذ خطوات عملية مثل تأسيس داراً للقرآن وعلومه،على أن تفتح لها فروعاً في كل محافظات العراق ،كما أن على حكومة العراقية أن تتبنى مشروعاً ثقافياً آخر تتولى مسؤوليته كل من وزارة التربية ،ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،مضافاً إلى وزارة الثقافة في العراق يقوم على إدخال القرآن قراءة وحفظاً وتفسيراً في بعض المناهج الدراسية.
ولِمَ لاينهض العراق العربي بهذه المهمة ودولة الباكستان الأوردوية فيها حوالي (10) ملايين حافظ للقرآن ؟!،ودولة نيجيريا الهوسية والإنجليزية فيها أكثر من (7) ملايين حافظ للقرآن،هذا فضلاً عن بعض الدول الأخرى؟!
وأن تتبنى الجهات الرسمية وغير الرسمية إقامة المهرجانات الأدبية والثقافية القرآنية ،وأيضاً المسابقات العلمية،والمعارض الفنية للقرآن .
وأن تسن التشريعات في منح أفضلية أو إمتيازات لحفظة القرآن في القبول الدراسي والوظيفي وفي الخدمات والتسهيلات المصرفية وغير ذلك،ومن الضروري إدخال الفروع والعلوم الإسلامية في جميع الجامعات العتيدة والمستحدثة.بالمناسبة نقل لي الدكتور قاسم البيضاني أن رئاسة الجامعة الفلانية العريقة في العراق كانت بصدد حذف (قسم علوم القرآن ) من كلية التربية للعلوم الإنسانية !!!
يقول هذا الأستاذ :إنتفضت وذهبت إلى الأستاذ المرحوم (هاشم الموسوي [سيد أبو عقيل])،وتدخل بقوة في هذا الموضوع ،وبقي القسم فعالاً ،وحالياً عليه إقبال شديد في الجامعة .
ماذا لو تم تحقيق تلك الرغبة الغريبة في حذف (قسم علوم القرآن)هل يبقى لكلية التربية من معنى حقيقي؟!
لو قُدّر للمشروع القرآني الثقافي أن ينهض؛ لردم الهوة الإجتماعية التي يعمل على توسيعها الآخرين ،ولو قُدّر للمشروع القرآني الثقافي أن ينجح لعمل على إحتواء الشباب المتسگع في الفراغ والعدم .وليس ذلك بصعب المنال لمن أراد أن يعتلي صهوة المجد أو يسير في الطريق :
عارٌ إذا لم نصل **والناس قد وصلوا
وليس عار إذا **سرنا ولم نصل