recent
أخبار ساخنة

لا تشفطوا السموم .. فالاركيلة ليست ثقافة !!


الحرير/
بقلم/حسين الذكر
يقولون : إن العقال قد انفلت، وإن عقود الاستبداد والقهر قد اختمرت حد جوع الإنسان العربي وعطشه إلى الإحساس بالانفلات والارتماء بحضن المجهول بأية طريقة وإن كانت غريبة عن القيم المجتمعية السائدة آنذاك ، وعبر تاريخها الممتد والمشكل للعقل الجمعي . جراء انتشار بعض الظواهر الغريبة المتجسدة على أرض الواقع بمخاطرها الواضحة كلها دون أي إجراء حكومي أو ثقافي أو سياسي لصد تلك الظواهر التي لا تنتمي إلى التراث، ولا إلى الإرث الحضاري الذي تهتدي بضيائه الشعوب العربية عامة .
من المفارقات المضحكة الدالة على مستويات الثقافة وطرق التعاطي مع الواقع أن أبسط إحصائية تشير إلى ارتفاع نسب زوار الكازيوهات والكوفي شوفات بمديات أصبح المكان لا يتسع لها ، بينما تشهد مبيعات الكتب ورواد الكتب انخفاضاً ملحوظاً مع نسب قراءة متدنية ، بظاهرة متناقضة تستحق المتابعة والقراءة ، واتخاذ ما يلزم بصددها ، فمع كل تقنيات التواصل والانفتاح اللذين أحالا العالم الى مدينة صغيرة يجتمع أبناؤها عبر جهاز اصغر ، إلا أن قراءة الكتب مازالت في المجتمعات المتحضرة هي دليل وحاجة نفسية لإشباع الذات والعقل والضمير، والتطلع بقناعة وأمل إلى مستقبل وغد أفضل ؛ فزيارتك للدول القائدة للعالم تجد مواطنيها يحملون الكتب والصحف يقرأون بكل مكان في الشارع في الساحات في القطار والطائرة والسيارة والمنتديات والمطاعم انه نهم معرفي على طريق ادراك الحقيقية وتنمية الوعي .. ذلك وغيره يجعلنا حذرين جراء ما يحدث من ابتعاد مجتمعي عن قراءة الصحف والكتب، وحتى مشاهدة التلفاز بأغلب برامجه الجادة والثقافية والعلمية بعد أن اكتفى أغلب مشاهدينا بمتابعة الفواصل الضاحكة المثيرة التنافسية بأشكالها المتعددة .

الأركيلة بمحتواها ومادتها وطريقة تعاطيها المتغلغلة بعمق المجتمع أخذت تستحوذ على كل شيء ، وتطفو على السطح بصورة مريبة لها مقراتها وتجارتها العلنية الرائجة مع كل مخاطرها الصحية والمجتمعية التي يحذر منها الأطباء والمؤسسات والحكماء ؛ إذ تعد أخطر بكثير مما تشكله مضار التدخين ، فيما اليوم تمددت الأركيلة وتعمقت في أوصال الجسد والأسرة العربية  حتى أصبحت ظاهرة يعتقد البعض أنها هوية حضارية وتعبير راق عن التمدن .
هنا قد يطرح سؤال عن الأسباب التي جعلت المواطن العربي يبتعد عن مصادر العلم والمعرفة والتمتع الصحي ، والترقي بشكل طبيعي من قبيل التغذية المعرفية ، وتنوع مصادر الثقافة ، وانتقاء الأنسب المتناسب مع ذوقية الإنسان العربي وطبيعته وتقاليده وأعرافه بعيداً عن التغريب المحتضر ، مع أننا نترك الإجابة لأصحاب الشأن من مؤسسات حكومية ودينية وثقافية وعلمية ترد بطريقتها ، بما يؤمن ويعبر عن سلامة الوطن والمواطن ، إلا أني وعبر دراستي التاريخ لا أفصل الظواهر المجتمعية بأبسط مظاهرها عن خط مؤجند فضلا عن التجهيل المقصود والمبستر ، فإن الشعوب المستهدفة تُستخدم اتجاهها كل أنواع التنويم والتضليل وأساليبهما من وسائل وطرق تصب جميعها بضرورة أن تبقى الشعوب نائمة بعيداً عن المطالبة بأبسط حقوقها الحياتية .
google-playkhamsatmostaqltradent