recent
أخبار ساخنة

في بيتنا دجاجة !

الحرير /
بقلم/حسين الذكر
ما زال صوت الفنان عبد الله غيث مدويا : (فراخ كلكم فراخ ) .. والفراخ تلك الدجاجة الداجنة الأكثر الفة مع الانسان منذ القدم وعرفت بخوفها ومسالمتها حتى ضربت بها الامثال تندرا .. أحببتها باكرا وما زلتُ كل ما سنحت فرصة امر على أماكن تربية وبيع الدجاج القي نظرة خاطفة ثم امضي حبا بهذا الحيوان المسالم .. 
في السبعينات التي تعد افضل مرحلة عاشها العراقيون تقريبا وشهدت نقلة عمرانية وخدمية كبيرة .. كان ابي - رحمه الله - يذبح دجاجة ويعزم احد المصلين معه حينما يعودان من صلاة ظهر يوم الجمعة المباركة تحت عنوان قراءة سورة الفاتحة على أرواح الموتى وكذا لم شمل الاسرة بعد تشتت أسبوع بضنك الحياة .
طلب مني الزميل داود الشمري اثناء مقابلة من إذاعة القوات المسلحة ان أوجه نصيحة للصحفيين الشباب فقلت : ( الله اوصانا بكلمة اقرا .. فلا يمكن للصحفي التوقف عن القراءة اذ لا بديل عنها كمصدر أساسي للوعي واليات التعبير التي ستبقى قاصرة مهما حصل الصحفي على شهادات عليا .. وان يعتد بنفسه كرسول في الامة وليس مجرد عنوان يعتاش على فتات مروجي الاخبار وملتقطي الصور ). 
صباحا وجدت دجاجتنا لا تقوى مشيا على قوائمها فذهبت الى البيطرة تعتريني خشية قولوهم هات الدجاجة للمعاينة وربما يطلبوا اجراء اشعة وتحاليل وادوية من الصيدلية لا قدرة لشرائها . بعد أسئلة روتينية ناولني البيطري شريط حبوب بسعر زهيد وعدت مسرعا لدجاجتنا تحت سيل من تندر البعض ممن طلبوا ذبحها او رميها بالشارع .. لكن قلبي لم يقوى على أي اقتراح منها  .
صعدت ( تكتكا) منتشرة في العراق : ( وهي دراجة بخارية باربع عجلات لحقتها سمعة سيئة جراء اساليب البعض وانفلات الوضع مع انها تقدم خدمات شعبية بأسعار مناسبة لكنها تحتاج الى تنظيم وضبط مروري اكثر )  .. فاجئني السائق  - كانه يعرفني -  : ( أستاذ اريدك تنصحني ، هل اتطوع بعقد مؤقت ام ابقى اعمل بالتكتك ؟ ) .. ! فاجبت : ( قبل كل شيء انصحك بالقراءة والتعلم وفهم الحياة بشكل افضل وان تسعى لتكون عضوا فاعلا محترما بالمجتمع وذاك ليس خاص بحملة الشهادات بل ممكن من خلال الرزق الحلال وخدمة المجتمع والالتزام بالنظام العام ، اما العقد المؤقت يقيدك ويجعلك - اجيرا طوال حياتك - لا تستطيع النهوض بمسؤولياتك الخاصة والعامة  .. فيما العمل الحر يمنحك فرص اكبر وحرية أوسع بعيدا عن أي ارتباط شريطة ان تتعلم برغبة جامحة وحاجة ملحة .. وان تقبل يدا امك وابيك كل يوم وان استطعت فقبل اقدامهما .. فان ذلك فوز مبين وصلب الدين وبه رضا الله والضمير وصلاح الامة  .. بكى الشاب وقال : ( للأسف ان ابى قد مات .. اما امي سافعل ما اوصيتني به  - ان شاء الله – ثم نزل مودعا وشكرني بقبلة ورفض استلام الأجرة ) . !
بعودة الى فلسفة الدجاجة بالتراث العربي .. فان كلمات الفنان الراحل عبد الله غيث كانت بمثابة دعوة للثورة على الواقع الفاسد .. مع انه اطلقها في الريف ..الا انها كانت موجهة للعالم العربي عامة ويقصد منها الصفات الدجاجية الخانعة التي اذا ما اصابت مجتمع ما جعلته مخدرا متخلفا قانعا بالعلف وبؤس القفص .. فضلا عن خوفه واستسلامه واستعداده للذبح متى ما شاء جلاديه .
google-playkhamsatmostaqltradent