الحرير/
بقلم/هادي جلو مرعي
مع تولي السيد محسن المندلاوي نيابة رئاسة مجلس النواب، وهو منصب إستثنائي، وبروز شخصيات سياسية وعلمية وكتاب وشعراء وناشطين وأساتذة جامعات، ومغادرة شخصيات مهمة ومواطنين عاديين من سكان تلك المدينة الى المهجر، ووجودهم كجاليات عراقية في بلدان عدة من العالم فإن مندلي، وهي مدينة تاريخية تقع الى الشمال الشرقي من بغداد، وعلى بعد مائة وستين كم تعود لتبرز الى العلن، وتظهر إعلاميا كما تستحق بعد عقود من الإهمال والنسيان، ويفخر العديد من الذين حققوا نجاحات في الحياة بحملهم إسم تلك المدينة التي شهدت إحتفالا كبيرا بمناسبة تحويلها الى قضاء إداري حضره نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي، ومحافظ ديالى مثنى التميمي، ووعد المسؤولان الكبيران بتنفيذ مجموعة من المشاريع المهمة، وتطوير الخدمات والبنية التحتية خاصة وهي مدينة تكاد تكون الثانية بعد الكوفة في قدمها الحضاري، وتنوعها السكاني الذي يضم العرب والكرد، وهم يتعايشون بسلام وأمان.
نزح الكثير من سكان مندلي مطلع الثمانينيات مع إندلاع حرب الخليج الأولى الى مناطق من محافظة ديالى، وشكلوا تجمعات سكانية، وبرعوا في التجارة والإدارة، وحققوا مكاسب كبيرة في العاصمة بغداد، وتركوا أثرا مهما في السياسة والتجارة وحركة المجتمع، ومع إستقرار الأوضاع الأمنية، وإفتتاح المعبر الحدودي مع إيران، وتنشيط حركة التجارة فقد أخذ الكثير من الناس يتوجهون إليها للعمل، وساعد ذلك في تأمين وضع إقتصادي مهم لإستقرار مجموعات بشرية بعضها تشده إليها الجذور والحنين، وهناك من وجد فرص عمل جيدة، بينما يزداد عدد السكان الذين يدركون أهمية تلك المدينة وعراقتها خاصة وإنها ستساهم في إقتصاد البلاد حيث تمر منها حركة تجارية مهمة للغاية، وتنقل عبرها أنواع من البضائع ويمكن فتحها لتكون معبرا للسياحة الدينية خاصة وإنها قريبة الى الحدود الإيرانية، ولاتبعد كثيرا عن العاصمة بغداد والمدن الدينية.
قبيل الحرب العراقية الإيرانية، وكنت صغيرا توجهت رفقة والدتي الى مندلي، ومنها الى مناطق أخرى تابعة لها بحثا عن إرث تركه والدي عند أحد الأشخاص على الطريق بين مندلي وبدرة وجصان، ودخلنا ظهيرة ذلك اليوم الى مطعم عامر بالزبائن، ويعمل فيه عدد من الأشقاء المصريين، وكانت حركة السوق جيدة، ومازلت أتذكر إنني تناولت الرز ومرقة فاصوليا ماأزال بعد أكثر من أربعين عاما أتذكره كطعم لذيذ في الشفتين، وحين غادرنا الى قرية قريبة من الحدود تسمى ( ترسخ) أو (ترصخ) كانت الدبابات تتجه شرقا، وكانت بيوت القرية البيضاء خالية من السكان، وبعضها دمرته القنابل وقذائف المدفعية.
مندلي تعود الى الحياة، ويجب أن تعود الى المدن الحدودية كافة مع دول الجوار جميعها لتكون مدنا عامرة ومزدهرة، وتكتظ بالسكان الذين يشعرون بالأمل في مستقبل افضل، وأكثر إشراقا.