الحرير/
بقلم/فراس الغضبان الحمداني
كأنها سلسلة من ذهب تقطعت حلقاتها وتلاحقت ببعضها وهي تسقط على الأرض واحدة تلو الأخرى وتنهار تلاحقها دموع الحزانى المكلومين بنصال الحزن والأسى وكأننا نفارق تلك السلسلة الذهبية إلى الأبد بإنتظار أن نلحق بها في يوم ، فبعد رحيل زوجتي ، وكأنها تطلب من إبنها مصطفى أن يلحق بها إلى المقبرة لا ليزورها ويضع الورد على ضريحها ويتوسل الله لها بالمغفرة ويرش الماء على الثرى المحيط بالقبر بل ليتمدد إلى جوارها وينتظر هو الٱخر الدعاء بالمغفرة والرحمة من الله .
اليوم يلحق بمصطفى عمه كاميران الذي توفي في ألمانيا غريباً عن الوطن تلاحقه ذكريات وهموم وصور السابقين أمي وأبي وأخي الكبير ابو قيصر وأخي الضابط الشهيد عبدالله أبو فرح والشاب مناضل إبن الأخت وجميع الخوال والعمام الأحبة الذين رحلوا في أزمنة مختلفة وهم يودعون وجوه أحبتهم وتلك الوجوه تودعهم فكأنه وداع راحل لراحل مثله فكلهم راحلون إلى حيث المنتهى الأخير الذي لا منتهى بعده وفيه يلتقي الجميع في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله سبحانه تعالى في تنزه عن كل منقصة وله الأمر من قبل ومن بعد .
كاميران يودع الحياة في مستشفى في ألمانيا وبينما نشرع بإجراءات إستعادة الجثمان إلى الوطن ليوارى إلى مثواه الأخير جوار الأحبة في وادي السلام فإننا نستقبل المعزين الذين جاءوا ليعبروا عن تضامنهم ومحبتهم وتعازيهم في مصابنا بأخينا كاميران الذي غادر العراق بحثاً عن حياة مختلفة فتلقاه المرض هناك ليجتمع بالغربة فيكون داء الجسد وداء الروح والحزن المكبوت في نفسه تحاصره من كل جانب بينما أنفاسه تتقطع والألم يستنزف طاقته بالكامل ويضعفه ويجعله يعاني أكثر وينهار حتى حانت لحظة الرحيل دون عودة .
للحزن معي حكاية طويلة لا يكفي معها مقال ولا لحظات حزن عابرة ولا جلسة مع صديق لأروي تفاصيلها فهو رفيق رحلة الحياة وكأنه وليد نمى وكبر معي وصار شكله يشبهني بذات الطول والقسمات والعمر وكل يوم يمضي في الحياة يكون هو معي بذات التوقيت الذي يأخذني في الرحلة تلك إلى حيث النهاية المحتومة فرحيل الأم والأب والزوجة والأبن والأخ والأصدقاء لم يبق لي في الحياة من رغبة ولا أمنية سوى أن الحق بهم في القريب العاجل فهم للذين سيمنحونني الراحة الأبدية عند الله سبحانه وتعالى الذي سيحيطنا برحمته التي وسعت كل شيء . Fialhmdany19572021@gmail.com