الحرير/
بقلم: د. كمال فتاح حيدر
هذه صورة موثقة ولا تشوبها شائبة عن ماضينا الدموي، فالتعاليم التي انتهجها تنظيم داعش الارهابي منذ بضعة سنوات مستمدة كلها من العقول المتمردة على رسالة الاسلام منذ القرن الهجري الأول، فقد وضعت الدولة الأموية منهاجاً دموياً متطرفاً، سارت عليه القطعان البشرية المنساقة على غير هدى وراء الباطل، والتزمت به حتى يومنا هذا، وهذا المنهاج الشاذ موثق حتى الآن في معظم المقررات التعليمية في المدارس والجامعات العربية. ويؤيدها جمع غفير من المشايخ المؤمنين بالفكر الداعشي القديم، والمجددين له الآن. .
خذ على سبيل المثال لا الحصر السنوات الثلاث التي تسلط فيها يزيد بن معاوية على رقاب الناس من عام 680 إلى عام 683 للميلاد. والمجازر التي ارتكبها في تلك الحقبة المظلمة ضد المسلمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة وكربلاء والكوفة. ففي غضون ثلاث سنوات فقط رأت الامة الاسلامية في عقر دارها ما لا يخطر على البال . .
جرائم السنة الأولى: في هذه السنة المشؤومة ارتكب تنظيم داعش الأموي فاجعة كربلاء، التي سفكوا فيها دماء ريحانة رسول الله (الحسين) واخوانه واصحابه وابناءه واحفاده، واسرفوا في القتل وإراقة الدماء، ثم قطعوا رؤوس الشهداء، وحملوها على أسنة الرماح. وطافوا بها في الأمصار. . وذكر الطبري (ت 310 هـ) روايات عديدة عن سبي نساء أهل البيت في كربلاء، وذكر فيها النصوص الموجعة جداً. ثُمَّ إنهم أدخلوا النساء المسبيات عَلَى يَزِيد، فَقَالَتْ فاطمة بنت الْحُسَيْن، وكانت أكبر من سكينة: (أبنات رَسُول اللَّهِ سبايا يَا يَزِيد). لقد إستحضر الدواعش في ذلك العام كل سيئات الجاهلية، ولم يرعوا المصطفى (ص) في ذريته، ولا زلنا نشهد جرائمهم بشكل يومي الآن على أيدي عصاباتهم التكفيرية المتمرّسة في صناعة الجرائم الدمويّة، كالقاعدة وداعش ونظائرهما. .
جرائم السنة الثانية: وهو العام المشؤوم الذي ارتوت فيه المدينة المنورة بدماء الصحابة وأبنائهم في وقعة الحرّة، وقد ذكر المؤرخ خليفة بن خياط (ت 240 هـ) أسماء المئات ممن قُتلوا في هذه الوقعة من الأنصار وأبنائهم وبطونهم، ومن المهاجرين والقرشيين وأبنائهم وبطونهم وحلفائهم، وتتبُّع هذه الأسماء يكشف عن حجم القسوة والقوة المفرطة التي استخدمها دواعش يزيد في سفك دماء الأبرياء.، ثم استباحوا المدينة ثلاثة أيام، وجاء فى (معجم البلدان): أنهم استباحوا فروج النساء . وحملت منهم 800 حرة، وولدن، وكان يقال لأولئك الأولاد أولاد الحرّة، أما ابن الجوزى فروى عن طريق المدائنى أنه ولدت ألف امرأة بعد الحرّة من غير زوج، وأخرج البيهقى فى (دلائل النبوة) ما يؤكد صحة على همجية دواعش الدولة الدموية . .
جرائم السنة الثالثة: وفي هذا العام المشؤوم تحصن عبدالله ابن الزبير داخل الحرم المكي، فلم يكن لدواعش يزيد أي مانع من دكّ الكعبة إن لزم الأمر. قال الامام السيوطي عن هجوم دواعش يزيد على مكة: وأتوا مكة فحاصروا ابن الزبير، وقاتلوه ورموه بالمنجنيق، واحترقت مكة من شرارة نيرانهم، واندلعت النيران في أستار الكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله به اسماعيل وكانا في السقف. ثم قتل الحجاج عبدالله ابن الزبير، وقطع رأسه، وعلق جثته في مكة. ثم قالت انه (اسماء بنت أبي بكر): أما آن لهذا الراكب أن ينزل. فبعث الحجاج فأنزل عن الجذع ودفن هناك. .
وعلى الرغم من كل هذه المجازر التي استهدفت المسلمين في غضون ثلاث سنوات فقط، وعلى الرغم من صورتها البشعة التي وردت في مئات المؤلفات التاريخية، يأتي الآن من يرفضها كلها، ويثني على يزيد وعلى افعاله الشنيعة، ويدعم جرائم الحجاج بن يوسف الثقفي. والحقيقة ان معظم الداعمين لهؤلاء ينتمون إلى مستنقع النفاق والمنافقين، وهم الذين تطوعوا لتفعيل افكار يزيد والحجاج اعتمادا على فتاوى ابن تيمية المتناقضة مع أبسط مبادئ الرحمة والعفو والاحسان والأمن والأمان. .
داعش اليوم صناعة دولية هدفها تشويه صورة الاسلام بتأييد من تلاميذ تيمية، فقد وجدت القوى الدولية الغاشمة ضالتها في هذه الفئات الباغية، فتفتقت نزعاتهم الإجرامية عن جهاد النكاح، وجواز مشاركة الجندي الامريكي المسلم في القتال ضد المسلمين بافغانستان، وتحريم الترحم على روح الشهيدة شيرين ابو عاقلة. وسوف تواصل هذا المدرسة مهمتها المعادية للاسلام من خلال تعظيم شأن ابن تيمية وتشفير العقول وغسل الأدمغة. . .
وللحديث بقية. . .