الحرير/
بقلم/هادي جلو مرعي
منذ العام 2003 ومع التحولات السياسية الكبرى، والتغيير في شكل النظام والإدارة في العراق برزت إشكالية كبرى في ضمان حق المكونات سواء كانت قومية، أو دينية، وحيث أنضج الكورد إقليمهم الحيوي المتجذر ثقافيا وجغرافيا، فإن وجود مكونات أخرى يدفع إلى التوتر، ويطرح تساؤلات مهمة عن المناطق المتنازع عليها، والمواد الدستورية في التوزيع الإداري خاصة وإن المادة 140 تؤكد على حل مسألة المناطق المتنازع عليها ليس بين إقليم كردستان وبغداد بوصفها عاصمة فدرالية، وإنما المناطق المتنازع عليها بين محافظات عراقية تقع ضمن الدائرة العربية، وحتى المتجانسة مذهبيا ومتجاورة جغرافيا، وتؤكد كل محافظة على حقها في إدارة منطقة ما، وتنازعها عليها محافظة أخرى.
ويجري الحديث عن مشاكل تثار من حين إلى ٱخر لاينفع معها التهييج الإعلامي، ولا إستثارة العواطف، ولاالتحشيد المقابل، ولا تغليب طرف على حساب آخر مايؤدي إلى المشاحنات، وتعقيد المشكلة وتعميقها، وخلق المزيد من الٱزمات، ويرسخ فكرة الحل الأخير بتحديد حقوق كل محافظة، وكل إقليم لنتجاوز مرحلة التنازع، إلى مرحلة البناء والإعمار، والإنفتاح على الخارج، وإستعادة الهيبة، وتأكيد وجود العراق المتنوع، والمحافظ على حقوق الأفراد والجماعات والقوميات، وهو مايلقي المسؤولية على عاتق النظام السياسي برمته، وخاصة البرلمان والحكومة، والقوى الفاعلة التي تمتلك قدرة إتخاذ القرار، وتمضيته والعمل وفقا لمخرجات الحوارات التي تكررت، وكانت تهدف لتهيئة الأرضية الملائمة للحل، والخروج إلى فضاءات وطنية مفتوحة يتنفس فيها الجميع، ولايختنق أحد.
في مفاوضات تشكيل الحكومة جرت نقاشات بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وحكومة الإقليم، والحزب الديمقراطي الكردستاني، والزعيم مسعود البارزاني الذي أتاح الفرصة للتشكيل الحكومي الحالي الذي يلقى قبولا، ويقابل بنوع من الثقة التي تحتاج إلى منجز ملموس كما وصفه السوداني نفسه، على أن الحلول الحقيقية تتمثل في عقد إتفاقيات نهائية تبتعد عن الإحتقان والتهديد والوعيد الذي لم يفض إلى حل خاصة مع تجارب قاسية منذ سبعينيات القرن الماضي أدت إلى صراع طويل وتضحيات جسيمة وفقدان لحياة الٱلآف من العرب والكورد وبقية القوميات التي عادة ما تدفع ثمن عدم الإعتراف بحقوقها، وبالتالي لا يمكن تصور تراجعها عما تؤمن به مطلقا.
إستمرار البحث عن حلول والنوايا الصادقة تصل بنا إلى نتائج مرضية للجميع، مع ملاحظة أهمية الإبتعاد عن التخوين والتهوين والتجريم والتسقيط وكيل التهم الباطلة لالشيء سوى للمتاجرة بعواطف الناس، ودفعهم لكره أخوتهم في الإنسانية وتهميشهم ومنعهم من نيل حقهم في العيش والكرامة والحياة.