recent
أخبار ساخنة

صراع فوق سقف العالم

الحرير/
بقلم: د. كمال فتاح حيدر 
تحفز الموارد الهائلة المتوفرة في القطب الشمالي الدول العظمى لولوج حلبة الصراع فوق سقف العالم. حيث اصبح السباق لتأمين موارد النفط في القطب الشمالي أمر لا مفر منه. ومع ذلك، وبسبب الانخفاض السريع في الطلب العالمي على النفط وارتفاع تكلفة استخراجه هناك لم تتضح صورة الصراع. وبدلاً من ذلك، تحولت ديناميكيات الصراع على الموارد في القطب الشمالي نحو تأمين المعادن الهامة، واستغلال احتياطيات الغاز الطبيعي، وتأكيد السيطرة الإقليمية على طرق الشحن المفتوحة على طول ساحل القطب الشمالي. بالإضافة إلى ذلك، أدى دخول الدول الآسيوية والأوروبية في شؤون القطب الشمالي إلى تحول كبير في الديناميكيات الجيوسياسية. آخذين بعين الاعتبار ان قبول الدول الآسيوية: (الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وسنغافورة) كدول مراقبة في مجلس القطب الشمالي عام 2013 تسبب في توسيع المشهد الجيوسياسي للمنطقة بشكل كبير، ويجري الآن تشكيل تحالفات دولية جديدة. في حين تنظر الصين الآن إلى موارد القطب الشمالي كوسيلة لتنويع إمداداتها من الطاقة، بينما تحرص الدول الأوروبية على الشراكة مع الدول الآسيوية. سيما إن تقوية العلاقات التجارية بين الدول الآسيوية والأوروبية، وتعميق مستويات الاستثمار الصيني في جميع أنحاء المنطقة، إلى جانب تفوق روسيا الناشئ، سيولد ردود أفعال قوية من الولايات المتحدة، التي ترى انها تمثل تهديدات لمصالحها وأمنها القومي. علاوة على ذلك، فإن الفصل الأوسع بين اقتصادات الولايات المتحدة والصين يجعل القطب الشمالي ساحة مفتوحة للصراع بين القوى العظمى. كما أن التوترات المتزايدة بشأن السيطرة على المعادن الهامة التي تعتبر ضرورية للتقنيات الحديثة وطرق الشحن المتنازع عليها وترسيخ الصين عبر القطب الشمالي تضغط أيضاً على إطار الحوكمة في المنطقة. .
تتألف هياكل الحكم في المنطقة من اندماج منظمات ومعاهدات الحوكمة، وهي ليست مصممة لاحتواء أو التخفيف من صراعات القوى العظمى المحتملة. ثم إن أي تصعيد بين الولايات المتحدة والصين أو روسيا من شأنه أن يقسم المنطقة، ويضر بشكل كبير بالجهود التعاونية نحو الحفاظ على البيئة والتخفيف من تغير المناخ. .
توضح الخارطة التي رسمتها شركة FP Analytics الاتجاهات الرئيسية المحتملة للصراع حول التحكم في المواقع الغنية بالثروات، وتحدد الخارطة المشهد القانوني وهياكل الحوكمة القائمة للتخفيف من حدة الصراع في جميع أنحاء المنطقة. .
لقد أسهم الاحتباس الحراري في زيادة شهية القوى الكبرى في المنطقة بعد ذوبان الجليد
خلال العقود الأربعة الماضية، حيث تقلصت مساحة وحجم الجليد في المنطقة بنسبة 35 بالمئة، ويتوقع العلماء بأن يصبح المحيط الشمالي خالياً من الجليد قبل 2050 أو قبلها بقليل، وبدأت مساحات واسعة من المياه تتكشف، وبدأت معها إمكانية التنقيب والملاحة عبر تلك الممرات، وبدأت في المنطقة أنشطة اقتصادية وتجارية وعسكرية كانت مستحيلة قبيل ذوبان الجليد. فالصراع فوق سقف العالم يتصاعد كل يوم على صفيح متجمد ينذر بالكوارث. .
google-playkhamsatmostaqltradent