recent
أخبار ساخنة

لمحات من تاريخ سلاح البحرية في ولاية البصرة / الجزء التاسع

الحرير/
بقلم: كاظم فنجان الحمامي 
استكمالا لما ورد في الاجزاء السابقة، نذكر ان رحلة السفينتين الحربيتين من مدينة اسطنبول إلى ولاية البصرة، لم تكن على ما يرام، فقد جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، فتعثرت مسيرتها بسبب العواصف والامواج المتلاطمة، وفُقد التواصل تماماً بين السفينتين، فتوجهت السفينة (إزمير) إلى بومباي، ومكثت هناك أربعة أيام، ثم توجهت إلى مسقط، فهرع الناس لاستقبالها بالحفاوة والترحيب، وجهزوها بما تحتاجه من مياه ومؤن، وبكل المواد اللازمة لمواصلة مسيرتها نحو البصرة. وكان طاقمها في ضيافة السلطان سالم بن ثويني بن سعيد البوسعيدي (1845- 1876م)، الذي قام بتكليف مهندس من العاملين في حوض بناء السفن البريطاني، الموجود هناك، لمساعدتها وإصلاح عطلاتها. وأمر السلطان بتجهيزها بنحو 50 طناً من الفحم. .
وبعد أسبوع واحد من مغادرة السفينة الحربية (إزمير)، وصلت السفينة الحربية (بورصة) إلى مسقط. ولدى وصولها إلى هناك، استقبلوها بمثل ما استقبلوا به السفينة (إزمير)، واطلقت المدفعية 21 طلقة. وكان العميد البحري (أحمد بك) في ضيافة السلطان سالم البوسعيدي (إمام مسقط). وأعلن الإمام أنه من المؤيدين والداعمين لحكومة الباب العالي. ووجدت الحكومة العثمانية في وقت لاحق أنه من المناسب إرسال رسالة شكر إلى الإمام من والي البصرة. .
وهكذا غادرت السفينة (بورصة) مسقط في 19 نوفمبر 1866 في طريقها نحو البصرة بعد تزودها بالفحم، وإقامتها هناك ليوم واحد فقط، لكنها توقفت في ميناء (بندر بوشهر) الإيراني يوم 24 نوفمبر لمدة اربع ساعات، ثم توجهت بعد ذلك إلى مدخل شط العرب، فوصلت مرسى الخورة جنوب نهر العشار عند غروب الشمس، حيث القت مرساتها هناك يوم 26 تشرين الثاني (نوفمبر)، وتجمع حولها الناس والجنود، وتعالت الصيحات الترحيبية. . 
وبالتالي فان وصول السفينة (بورصة) جاء بعد أسبوع واحد من وصول السفينة (إزمير)، وكان انضمامهما الرسمي للقاعدة البحرية في البصرة في شهر كانون الأول (ديسمبر) من عام 1866. .
ولابد ان نشير هنا الى الخسائر التي تكبدتها هذه الرحلة الشاقة، والتي تمثلت بوفاة خمسة من أفراد الطاقم بسبب أمراض مختلفة، وقطع يد جندي آخر أصيبت بحادث. .
لا شك ان هذه السفن الحربية العابرة للمحيطات كانت هي النقلة النوعية في تعزيز مكانة الاسطول البحري في ولاية البصرة إبان تلك الحقبة، ولا شك انها ظلت تعمل هناك بأعلى كفاءتها في السنوات اللاحقة. .
وقبل ان نصل إلى خاتمة هذا الجزء بودي الإشارة إلى نقطة في غاية الاهمية ذكرني بها الاستاذ الدكتور صالح السامرائي، عن العواصف التي جرفت احدى تلك السفن الحربية، وارغمتها على عبور الاطلسي بعد مغادرتها الموانئ الاسبانية، حتى وصلت إلى مرفأ ريو دي جانيرو، وكان على ظهر الضابط والشيخ عبدالرحمن بن عبدالله البغدادي، وشاءت الاقدار ان يبقى الشيخ في البرازيل رافضا التوجه مع السفينة (بعد إصلاحها) إلى البصرة. وهناك عشرات الدراسات التي تتحدث عن حكاية هذا الرجل البغدادي. لكننا تجنبنا الحديث عنه حتى لا نفسح المجال للمشاكسين وتعليقاتهم المشككة بكل ما يقرأونه، ونرفق لكم صورة لكتابين من المؤلفات التي تناول هذا الموضوع بالتفصيل الدقيق. .
وسوف نواصل حديثنا عن أسطول ولاية البصرة في الاجزاء القادمة ان شاء الله. . .
google-playkhamsatmostaqltradent