الحرير/
بقلم/د.محمد العبادي
ربما يتفق معي كثير من الناس أن السياسة أصبحت في عالمنا اليوم تشبه الكوميديا لما فيها من مفارقات لايستسيغها عقل الإنسان السوي .
في مرة كاشفني صديق همومه ،وقال بألم : العمل الوزاري أسوأ وظيفة !!!، بسبب مايسمعه من الناس من السّب والنقد الجارح مع أنه يعطي من وقته وجهده فوق مايعطيه غيره.
على كل حال يجب ان لايغيب عن أولئك الذين يعملون في السياسة ومجالات العمل العام ان السياسة هي وسيلة وليست هدف .
الخطاب السياسي في العراق أصبح خطاباً إنشائياً وفضفاضا، لأنّه لم يجد قاعاً للعمل يستقر عليها ،وكفى بالواقع الإداري والخدمي شهيداً.
الدعوة التي أطلقها السيد مقتدى الصدر للمناظرة( مع الأطراف الشيعية فقط)، لو لبى ندائها الأطراف التي في الضفة الأخرى؛ فإنّها تحتاج إلى حسابات جيدة تبتعد عن المصالح الضيقة في النزاع على السلطة أو الوصول إليها .
لقد طويت صفحة النظام السابق - الذي كان يفرض أفكاره الإلتقاطية والطوباوية- ،والذي كان قد فاز بالاستفتاء على رئيسه بنسبة ٩٩% ،لكن الحقيقة تجلّت بأصدق معانيها عندما لم يدافع عنه الشعب العراقي ،وهربوا ولم يصمدوا ٣٥ دقيقة بعد أن حكموا ٣٥عاماً!!! وعلى أولئك الذين يدخلون إلى حلبة المناظرة ان يعرفوا مسبقاً مساحة مصلحة بلدهم عندما تتضارب الآراء .
على المتناظرَين تحديد هويتهم أثناء النقاش المحتدم ، وربما الحوار الهادئ ، لأن الإعلام سيسبق الناس ويقول كلمته التي تنطلق في جميع الاتجاهات، ولأنّ الناس ستقول كلمتها إيجاباً أو سلباً.
إنّ المناظرة المرتقبة فيما لو تمت الإستجابة لها؛ فإنّها تحتاج إلى إعلامي رشيد ؛خبير ومنصف وقادر على إدارة دفة الحوار في الأجواء المتوترة والتي يريد أن يثبت فيها كل طرف أحقية مايدعوا إليه.
كرأي وتصور شخصي إنّ هذه المناظرة فيما لو حصلت ؛فإنّها ستعزز من حالة الاستقطاب القائم ،ولن تعمل على تقريب وجهات النظر في الإدارة والسياسة ،لسبب بسيط وهو أن كل ممثل من الغريمين يريد أن يثبت صواب مسلكه السياسي ،وليس لديهما إرادة في الوصول إلى نقطة الحياد الايجابي في الحوار!!! كما إنّ المستمعين من جمهور الفريقين سيأتون للإستماع إلى المناظرة بذهنية مسبقة غير متحررة من إنتمائها مما يعني قهراً ان كل حزب بما لديهم فرحون.
وحتى الذين يقفون على التل( بالحياد أو كمراقبين)، ستكون لهم وجهات نظر في محتوى وشكل وفنيات المناظرة .
بالمحصلة النهائية المناظرة المرتقبة فيما إذا اذا تم قبولها؛ فينبغي ان يؤخذ بالحسبان مدى مآلاتها في رفع درجة التفائل وتقليل حالة الهيجان والتوتر ،أو ملاحظة مدى نتائجها السلبية .