الحرير/
بقلم/اياد السماوي
الرأي العام العراقي على موعد يوم غد 29/5/2022 مع واحدة من أهم الدعاوى المعروضة أمام المحكمة الاتحادية العليا , وهي الدعوى المقامة من قبل النائب ( باسم خزعل خشّان ) على رئيس مجلس النواب ( محمد ريكان الحلبوسي ) .. النائب باسم خشّان طلب من المحكمة الاتحادية العليا في هذه الدعوى إدانة رئيس مجلس النواب ( محمد ريكان الحلبوسي ) بالحنث باليمين الدستورية وانتهاك الدستور العراقي .. النائب ( باسم خشّان ) في هذه الدعوى قد أدّعى على رئيس مجلس النواب ( محمد الحلبوسي ) اقترافه لجرائم ثابتة ثبوتا قطعيا وبأدلة معتبرة , منها امتناعه عمدا تنفيذ قرارات أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا نفسها , ولعلّ أبرز تلك الجرائم هي امتناع رئيس مجلس النواب عن تنفيذ قرار المحكم الاتحادية رقم ( 8 / اتحادية / 2019 ) في 26 / 8 / 2019 , الذي حكم ببطلان عضوية النائب ( رفاه خضير جياد ) وأعاد توزيع مقاعد كوتا النساء في محافظة المثنى .. وبالرغم من أنّ رئيس المجلس قد تبلّغ بقرار المحكمة الاتحادية العليا في اليوم التالي لصدوره , حيث وجّه مدير الدائرة القانونية في مجلس النواب مطالعة إلى مكتب رئيس مجلس النواب بيّن فيها وجوب التزام مجلس النواب بتنفيذ قرارات المحكمة الاتحادية وإصدار أمر نيابي بإنهاء عضوية النواب المحكوم بعدم صحّة عضويتهم وتمكين النائب ( باسم خشّان ) و ( زينب رحيم الجياشي ) بالمباشرة بمهام عضويتهم ..
السؤال المطروح من قبل الرأي العام .. هل أنّ فعل رئيس مجلس النواب بامتناعه عمدا عن تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية الواجب التنفيذ على كافّة السلطات هو حنث باليمين الدستورية ؟ والجواب على هذا السؤال يجيب عليه القسم الدستوري نفسه الذي ورد في المادة (50) من الدستور , حيث أقسم رئيس المجلس أن يؤدي مهماته ومسؤولياته القانونية بتفانٍ وإخلاص , وأن يلتزم بتطبيق التشريعات بأمانةٍ وحياد .. وعدم تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا هو حنث باليمين الدستورية , وانتهاك صارخ للدستور , لأنّ عدم تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية هو انتهاك صريح للمادة (94) من الدستور .. فيا ترى هل أنّ رفض رئيس مجلس النواب ( محمد الحلبوسي ) تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا ناجم عن جهل بالدستور ؟ أم أنّ هذا الرفض كان عن علم ودراية وإصرار على عدم تنفيذ قرار المحكمة ؟..
كتاب الأمانة العامة لمجلس النواب / الدائرة القانونية في 29 / 10 / 2019 والموّقع من قبل مدير عام الدائرة القانونية الدكتور ( صباح جمعة الباوي ) والموّجه إلى مدير مكتب رئيس مجلس النواب , والذي جاء ردّا على كتاب رئاسة الادعاء العام المرّقم ( 18985 ) في 13 / 10 / 2019 , يثبت بالدليل القاطع أنّ رئيس مجلس النواب ( محمد الحلبوسي ) قد تعمدّ عدم تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا القاضي بإنهاء عضوية النائبين ( رفاه خضير جياد ) و ( عدي حاتم راجوج ) , وإحلال النائبين ( باسم خزعل خشّان ) و ( زينب رحيم الجياشي ) , مع سبق الإصرار والترّصد , وأنّ هذا الفعل قد تسبب باستمرار عضوين من أعضاء مجلس النواب بحضور جلسات مجلس النواب والتصويت على قراراته بالرغم من صدور قرار من المحكمة الاتحادية العليا قد أنهى عضويتهم .. كما أنّ استمرار عمل هذين العضوين واستلامهم لرواتبهم ومخصصاتهم هو بحد ذاته جريمة بحق المال العام , يعاقب عليها القانون بالسجن وفق المادة ( 340 ) من قانون العقوبات العراقية التي نصّت على ( يعاقب بالسجن مدّة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس كلّ موظف أو مكلّف بخدمة عامة أحدث ضررا بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل فيها أو يتّصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الأشخاص المعهود بها إليه ) ..
ولا شّك أن الحكم بإدانة إحدى الرئاسات الثلاث بالحنث باليمين الدستورية وانتهاك الدستور ليس بالأمر البسيط , لكنّ الدول التي تحترم قانونها وقضائها لا تقف عند إدانة أيّ مسؤول فيها إذا كان قد خالف القانون والدستور أو اقترف جريمة الإضرار العمد بالمال العام .. خصوصا في حالة المدّعى عليه في هذه القضية الذي يتبّجح أمام أقرانه في جلساته الخاصة بأنّ القضاء العراقي محبس بيده .. فأهمية هذه الدعوى تتمّثل بأن يثبت القضاء العراقي أنّ لا سلطان عليه لغير القانون , ولا حصانة لأيّ شخص في الدولة خلافا للقانون .. فهل سيحكم القضاء العراقي غدا بموجب الدستور والقانون ؟ عهدنا بقضائنا العادل والنزيه والمستّقل .. نعم ونعم ونعم ..
في 28 / 05 / 2022