recent
أخبار ساخنة

إضاءة ‏لا ‏بد ‏منها ‏..

الحرير/
بقلم/ الباحث مزهر حسن الكعبي

يأتي كتاب احمد سعدون البزوني (قِراءات في السِّيَر الذَّاتيَّة) متنوعاً بشخصياتهِ التي تناولها، فالكتاب يضُّم عدداً مِن الشخصيات الادبية توزعوا على أنواع الكتابات، فمنهم الشاعر الفصيح الذي يلتزم أوزان الخليل، ولا يتجاوزها كـ الشاعر د. سعد صلال الذي جاءت قصائده بأوزان الخليل، وعمود الشعر، والتزام القافية المُوحدة، وهي آخر حرف في كُل بيت، مع الساكن الذي يسبقهُ، والحرف الذي يسبق الساكن، وهو حدٌّ مُبهر يُحدد الاصلاح بِدقة العالم الرَّصين،
وقد انتقى الكاتب نماذج من شعر الشاعر سعد صلال التي تميزت بأسلوبِها الجزل، ولُغتها المشوبة، بفلسفة تشربت الشاعر صلال وتشَربها ..  فلسفة التعامُل مع الحياة بوعي مُتفرد، لها قُدرة البوح بِلُغة الجسد، فضلاً على لُغة الخِطاب .  
ومِنهُم من يلتزم بأوزان الخليل، فيكتُب قصيدة العمود، وشعر التفعيلة، بيد انهُ مُنفتح على النصوص النثرية صاحب الصوت الشجي : 
أُوزِعُ اغترابي
على نثير المسكِ ،
والنَّقاءْ
عَلَّ حجرَ الصَّوان
يتنفَّس النَّفّثات ،
فتثمل أباريقُ الضَّوءِ
مِن نزيفِ الولادةِ ،
في أُفقٍ وقورْ
هاجسهُ الاول، والاساس الحفاظ على سلامة اللُغة ودِقة دلالاتِها، ومُصطلحاتها، والالتزام بالإيقاع، وهو ابسط صورة مِن صور الوزن، حضرت القافية، او تنوعت، او غابت، فذلك لا يضُر مع الايحاء، والتكثيف، والرمز، وما يُطرز النّص مِن غُموض شفاف ذلك هو: مزهر حسن الكعبي، وثمة من يحبذ كتابة (النّص النّثري) أو ما يطلق عليه (قصيدة النثر)، بأسلوب مُكثف، وبِصورة رمزية قائمة على المُفاجأة والايحاء، كما ورد في نصوص نثرية لـ (نادية محمد وجمال نصاري وهاني ابو مصطفى) ..
ومن عالم الرواية والقصة تطلُ علينا  وجوه انارت مجاهل ظلماء، إذ قدمت أدبها الروائي برؤية مُتكاملة، لها طابع التفرُد، مِن خلال حِبكة الرواية وشخصياتها، بِربط وطيد بين الحِبكة والشخصيات، مُجسدة حومة الاحداث التي تقع لأشخاص الرواية، إذ لا رواية بدون حِبكة،  مع قُدرة ابراز الاحداث بإشارة تستحوذ على انتباه القارئ، وتأسره، ورُبما مِن خلال عُقدة مِن عُقد الاحداث التي ستقود القارئ الى الخاتِمة، 
وفي كل ما قرأتهُ وانا اشُرف على اخراج الكتاب لُغوياً، وجدتُ حضوراً لِفلسفة المؤلفين، تُجسد رؤاهم في الحياة، مِن خلال تقييم أحداثها التي يلعب الحوار فيها دوره الاساسي، مُرتبطاً بتحليل نفسي للشخصيات في مكان وزمان يؤطران العمل الادبي وتلك عناصر الرواية الناجحة التي اشار اليها الناقد الانجليزي (وليم هنري هادسن)، والتي جاءت في أعمال الكُتاب: (مُنى سالم وحنان اسماعيل وعلي الصالح)، مُطابقة لها بامتياز، وليس ما كتبهُ الكاتب (ناظم المناصير) بمنأى عن ذلك في قصصه ورواياته، عن تُراث (ابي الخصيب) إلا عمل يتسم بِدقة اللُغة، وسلامة النقل وأمانتهُ والاعتدال في التناول، فـ ناظم المناصير شخصية مُتوازنة، صنيعة في (سبر غور) مُكنونات مدينتهُ البصرة، ولا سيما ابو الخصيب التي ترقد الى جِوار قلبهُ النابض بالحُب، ولم ينسى الكاتب احمد البزوني أدب (النوبة) الذي برع فيه عدد من الكاتبين والشعراء ومنهُم الكاتبة والشاعرة (لمياء حمدي)، وحسناً فعل، فهو منحى جديد مِن الكتابة (على الرغم) مِن عاميتهُ، يبرز تعلُق المرء بإرثه ووطنه، وكانت اضافتهُ للكاتبة (نوال جويد) في محلِها، فكتاباتها جِسر التنهدات بين الماضي والحاضر، برؤية حاذقة ، لا تخلو من حكمة وموعظة، أو موقف يوقظ نفثات الطيب في النفوس التي لا يمكن أن تعيش بلا حُب عراقي صادق، وكان الخِتام مسكاً مع الكاتب (علي الغالبي) بعنوان (الجيل الواعد) الذي استطاع أن يُفكك رموز الغموض والالتباس والتداخل في المُجتمع بأسلوب صادق جلي، كشف الغُمة وانار المنارات ، 
للكاتب (البزوني) دِقه الاختيار لشخصياتهِ، مِن حيث النبوغ والتجلي والابداع في ما تناولهُ عنهُم، مع موضوعيتهُ، وصدق طرحه، دونما ميل او جنوح لاعتبارات ما، مع حرصهُ على التكثيف والايجاز المُغني في حقل التناول، بِمستوى لُغة الفهم المطلوب، والذي أراه أن الكاتب نجح في مُبتغاه لسبب رئيس في الدرجة الأولى، هو ما يعرفهُ عن شخصياته، نتيجة المُعايشة الفعلية معهُم، وتعمُق في فهم ما قدموه، فكلهم دون استثناء أصدقاء مُقربون مِنهُ، (سبر غور) حياتهُم، واطلع على أغلب ما جادت بهِ قرائحهُم، لذا جاءت كتاباتهُ عنهُم، كل في موقعه الأصح بدراسة مُتوازنة، وعلمية في التناول، واحساس بعيد عن التأثير سلباً، او ايجاباً ، 
تحياتي للكاتب ولِمن كتب عنهُم ..
google-playkhamsatmostaqltradent