بقلم/حيدر الاسدي
(لا اطوي الذكريات بل امزقها) المجموعة الشعرية الاولى للاديبة البصرية الشابة (حنان الشاوي) وهي تجربة اولى تستحق القراءة والتحليل بوصفها تشكل دعامة مهمة يضاف للادب النسوي في البصرة والعراق وهو حراك يشهد تعافيا وتقدما في السنوات الاخيرة في ظل فسحة النشر والانتشار وتقبل نتاج المراة الادبي والفكري ، الكتاب صادر عن دار ماركيز للنشر والتوزيع ومن القطع المتوسط وبواقع 108 صفحة ، ويبدو من مفردات عتبة النص روحية تلك النصوص التي تترأى اولا في افتتاحية العتبة (لا) والمسطورة باللون الاحمر ( لا اطوي) ويتصدر الغلاف لوحة بوجهين مخفيين ، ويرتسم على الجزء الاعلى (لون السواد) والجزء الاسفل هو الاخر يكتنفه الغموض اللوني والدلالي ، ومن هنا ممكن قراءة المفتتح النصي لهذه المجموعة المكتوبة (بالالم) و(الوجع) و(الدموع) هي تجربة حياتية توزعت كاشلاء في تلك النصيات المتشظية في المجموعة والمتجمعة كجسد فرانكشتايني في ذاكرة امراة اسمها حنان الشاوي قد تلاوت مع الحياة ما بين رابحة احيانا وتارات اخرى (خسارات متنكرة) ، القلم الذي تكتب به حنان هو قلم موشوم بالوجع والذاكرة الانوية المتألمة ، ولاني اعرف جيداً ما يعنيه ان يكتب الاديب بقلبه فقد تواشجت عاطفتي وذاكرتي مع اغلب تلك النصوص المتأثثة في فضاءات المجموعة الشعرية .واهداء المؤلفة افضى لكل ذلك (فبعض السطور ماهي الا غصات نشيج...) وتفتتح مجموعتها بنصها (امنية قبل الشنق) ويبدو من خلال تلك العنوانات الفضاءات التي تشتغل في اطارها هذه المجموعة ، التي يخيم عليها رسم الالم بالحرف ، ثيم الوجع اليومي لانسان جل ما يملك حياته المتهشمة امامه دون ان يكترث احد لذلك ، فلا اعتراض سوى بالمسطور (الصادم) وهذا النص تزينه الشاوي بحمرة غسق ، واجنحة طيور ، المشنقة ، المذبحة ، يالها من مفردات تتاخم فيها قوة الكلمة (صوتيا) على وقع التلقي ، وتتلاحم مع صادرها الدلالي (الالم ، صور الوجع...الخ) وهي ما تتوارد في اغلب نصيات هذه المجموعة وكأنها كتبت بالم واحد بزمكانية واحدة ، والمؤلفة في نصياتها تستخدم علامات الترقيم كجزء من سيناريو نص مبني على بطولة الحرف المسطور ، فتتوزع بكثرة علامات التعجب وقوتها المعهودة مع التساؤلات التي تطرحها الشاعرة بقصدية تامة للكشف عن المدلات التي تبتغي الافضاء عنها في نصياتها واشراك المتلقي في قراءة هذه العلامات، نصيات الشاوي رغم المها المسطور الا انها لا تخفي داخلها لمساتها النسوية ، فالمطر يحضر حتى وان كان النص يتمرأى في وادي السلام ، او يعتمل في ذاكرة الموت ، والشاوي في نصياتها تجمع ما بين بلاغة المفردات وقدرتها اللغوية على توظيف تلك المفردات مع اليومي المتجذر في ذاكرتنا الجمعية ، لتخرج بنص يشبهها هي ويقترب منا نحن القراء المنتجين لتلك النصوص، كما تتوزع العتبات باطر من المسح الاليمة (اشجاني ، تراجيديا ، فيروس ، ام الشهداء...الخ) انما تدل على كمية الحزن والالم للمسطور وللذات الشاعرة ، فالمسطور الشعري نص يفضي لدواخل الذات مهما ابتعد الشاعر عن يومياته او مشاهداته ، في اغلب تلك النصيات التي قراتها انما تناجي الشاعرة ارواح نقية من اجل ان تحرضهم ايجابيا على تغيير واقعهم المأزوم الى التغيير الحقيقي والخروج من شرنقة الالم التي تلفنا جميعا جراء ذواتنا المتلاحمة مع السلبية والسلوكيات المغلوطة ، الشاعرة هنا تمارس دورها ونقدها الاجتماعي في معرض نصياتها وهو الاهم في ادبيات الشعراء ، ان يتلاحم الجمالي بما هو فكري لينتج لنا نصاً يستحق ان يصل للمتلقي بهذه الوفرة والابداع.