بقلم/هادي جلو مرعي
في العام 2018 قدم رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي مبادرة للحوار الوطني دعا فيها الأفرقاء السياسيين الى اللقاء الجامع، ومناقشة القضايا الكبرى لحكم الدولة، وإدارتها بطريقة تتلائم والتحولات الكبرى، وفي حينه أصدرت قوى سياسية عدة بيانات ترحيب ورغبة في دعم المبادرة تلك، وتوجيهها في الطريق الذي يعزز الحوار الوطني لجهات مناقشة القضايا الكبرى، والأزمات التي تواجه البلاد، والتحديات الصعبة على مختلف الصعد.
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قدم مبادرة للحوار الوطني، وهناك نقاش في هذا الصدد يتصاعد رويدا، وقد إستمعنا الى وجهة نظر، وبعض التفاصيل من السيد مستشار الأمن القومي الوزير قاسم الأعرجي في ندوة أقامتها مؤسسة الشبكة، وأدارها الأستاذ حليم سلمان، وبحضور السيد نقيب الصحفيين مؤيد اللامي، وكان الحاضرون من أبرز المشتغلين في التحليل والتعليق السياسي، وأساتذة جامعات، وكتاب، وصحفيون، وقد تحدثوا في وجهات نظر متباينة، وكانت تعليقات البعض نسفا لفكرة الحوار من الأصل، وتشكيكا في نجاحها، وإعتقادا بعدم رغبة القوى الفاعلة في التماه معها وهو الأمر الذي يؤكد الحاجة الى الحوار، وليس القبول بفكرة النسف والرفض، فالحوار هو الحل الذي أعتمد عبر تاريخ البشرية في العلاقات الإجتماعية الطبيعية، وفي فض النزاعات حتى لدى أنصاف المتعلمين والفئات الشعبية، وهو أداة ناجعة في شؤون الفلسفة والتاريخ والتربية والتعليم، وتذليل العقبات، وفتح آفاق التعاون في مجال السياسة والإقتصاد.
من المهم القول أن التجربة العراقية تستدعي حوارا حقيقيا لايستثن أحدا، ولاجهة مهما كانت توجهاتها طالما أنها عراقية، ولها موقف ورأي، ولابد من عدم الرضوخ للفكر المترف في التعاطي مع هذه الجهة، ورفض تلك، فليس من قوي بالكامل، وليس من ضعيف بالكامل في معادلة الصراع المتقلبة، ولهذا لابد من التوجه الى الجميع، وبشجاعة، والتلاق والحوار، والإستماع لوجهات النظر، وفسح المجال لحرية التعبير، وحق الوصول الى المعلومة، وإتاحة فرصة التغطية العادلة لوسائل الإعلام، وعدم التمييز بينها خاصة وإن القوى الفاعلة سياسيا وإجتماعيا تملك وسائل إعلام يمكن إشراكها في الحوار، وتشكيل لجنة عليا بهذا الصدد للتواصل مع القوى الفاعلة جميعها للوصول الى تفاهمات، ولابد من فهم عميق للحوار يركز على إن المهم ليس فقط النجاح والخوف من الفشل، بل الأهم هو إستمرارية الحوار، وبمعنى آخر فإننا نطرح سوالا واحدا علينا جميعا هو: إذا فشلنا في الحوار، فأيهما افضل، أن نتشابك بالسلاح والصراخ، أم نعيد الكرة لمرات ومرات، ونتحاور دون كلل، وتذكروا إن المزاج العام في العراق تغير، وهو قابل لتغير أكبر.