recent
أخبار ساخنة

"حماس فكرة ولا يمكن تدمير الأفكار"


الحرير/
بقلم:حيدر اياد الكعبي 
معركة طوفان الأقصى قاربت أن تصل إلى عامها الكامل منذ بدؤها في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ، علماً أن الكيان المؤقت قد أعلن في بداية ردة فعلهُ على العملية الجهادية أن أهداف عمليات جيش الاحتلال ستكون عند دخوله الى غزة هي تحرير الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى كتائب عز الدين القسام في داخل القطاع والقضاء على فصائل المقاومة الإسلامية الفلسطينية ، ولم يتمكنوا من القضاء على حركة حماس ولا حرروا رهينة واحدة خلال غالبية العمليات بل انهم يجدون أنفسهم أمام مستنقع الموت الأحمر الذي حين دخوله لا رجعة منه او ممكن أنك ترجع جثة هامدة أو فاقد أحد أعضاء جسمك كونك قد دخلت عرين الاسود، والذي يزيد الطين بلة انه كُلما أعلنت قيادة الاحتلال الإسرائيلي عن بدء عملية جديدة محاولين تصدير بيان النصر من خلالها وتوغل الإحتلال في مدينة ما كالشجاعية او خان يونس أو رفح فإنهم يجدون أنفسهم متورطين في ميدان المعركة ومن المُستحيل تصدير بيان له علاقة بنصرهم على مجاهدين رغم محاولاتهم الإعلامية المزيفة المتكررة٠

وهنا ربما سائل يسأل لماذا إتخذت قيادة حماس مسار الحرب ؟ الا يعرفون أنهم أمام غول الإرهاب الأعظم وسيدمر غزة وفلسطين ؟!
ويمكن أن نحاول هنا أن نجيب بشيء من الحقائق وهو أن خيار قيادة حماس وكتائب القسام وبقية الفصائل الفلسطينية المتعلق بمسار الحرب هو بَعد يأسهم من الخيارات السياسية والتفاوضية وتملص قيادة الكيان من أي التزامات تتعلق بقيام الدولة الفلسطينية المُستقلة والوصول إلى تسوية يقبل بها الطرفين ،وكذلك تسارع سباق التطبيع مع مُختلف الدول العربية والإسلامية راغبين بإنهاء القضية وجعلها شيء هامشي وغير مركزي لكي تتعامل الأمة العربية والإسلامية مع الأمر الواقع الذي يفرضهُ التحالف الصهيوأمريكي منذاالإعلان في ٦ ديسمبر ٢٠١٧ اعترف الرئيس الأمريكي ترامب رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقد ذكر أن السفارة الأمريكية سيتم نقلها من تل أبيب إلى القدس٠ وقد شكّل هذا تحوّلًا بعيدًا عن ما يقرب من سبعة عقود من الحياد الأمريكي في هذا الشأن، لذلك أن دخول الصهاينة في معركة على اقل تقدير لم يخططو لها مسبقاً أو لم يحتمل وقوعها ، هم بالتأكيد على بالهم تكون هناك بعض المُناوشات مع حماس والفصائل لكن لم يخطر على البال مُباغتة عسكرية بهذا المستوى الذي في النهاية جعلت إسرائيل أمام عار عسكري واستخبارتي لا يمكن محوهُ من أذهان العالم إلا من خلال رد قوي وهزيمة تلحق بحماس لكن سرعان ما تحول النصر الذي يركضون خلفهُ الى هزيمة ساحقة من العيار الثقيل وأيضاً كشفت هذه المعركة ضعف وتخبط القيادة الصهيونية٠

أن ما نستخلصه من نتائج عنصر المُباغتة والمفاجأة الحمساوية إلى ماذا أدت بما يلي:-

١- أخذت كتائب القسام والفصائل الفلسطينية زمام المُبادرة في توجيه ضربة عسكرية ستراتيجية غير قابلة للاستيعاب تجاه جيش الاحتلال الإسرائيلي ٠
٢- كسر الصورة النمطية التي تترآىٰ للعالم بأن الجيش الصهيوني لا يمكن هزيمتهُ وإثبات صورة مغايرة للمشهد الحقيقي٠

٣- إفشال وفضح جهاز الموساد الإسرائيلي وكذلك الاستخبارات الأمريكية والعالمية التي تعمل في فلسطين والشرق الأوسط ٠

٤- أسر عدد كبير من الرهائن الإسرائيليين الذين أصبحوا ورقة تفاوضية تم الضغط بها على القيادة الصهيونية والشعب الإسرائيلي على حدًا سواء٠

٥- إعلان القيادة الصهيونية عن أهداف أساسية للحرب على غزة، في جوهرها ليست أساسية في حقيقية وجود الكيان وهي تحرير الأسرى والقضاء على حماس وهذا أدخلها في دوامة الفشل الذريع والتقهقر في كل مرة تعلن عن قربها من الوصول إلى أهدافها فسرعان ما تبطل المُقاومة هذه الأكاذيب برشقة صواريخ وابعدتها تماماً عن مشروعها الاستراتيجي القائم على أساس إنشاء وطن للصهاينة من النيل إلى الفرات ٠

٦- وضع إسرائيل تحت طائلة المسألة القانونية الدولية نتيجة ارتكابها لمجازر وجرائم حرب قل نظيرها على مدى التاريخ الإنساني٠

٧- إظهار الوجه الحقيقي عالمياً للكيان المُجرم أمام شعوب العالم وخصوصاً الدول الغربية والاوربية٠

٨- إحباط مُخطط التطبيع الصهيوني مع جُملة من الدول العربية والإسلامية وإفشال جميع الخطط والبرامج الرامية إلى تسوية القضية الفلسطينية٠

٩- استنهاض الشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم على المُستوى المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والدينية أمام الإجرام الصهيوني رغم الغياب الأنظمة العربية المتخاذلة٠

١٠- إزالة الستار عن حقيقة وجود الكيان المؤقت أمام أنظار الأجيال الجديدة التي ليس لديها الفهم الكامل عن حقيقة هذا الكيان والمصلحة الدولية التي يمثلها وجوده في منطقة الشرق الأوسط وكشف الدول التي تؤيد جرائمهُ٠
١١- وحدة ساحات المعركة ودخول فصائل المقاومة الإسلامية في عموم المنطقة المتمثلة بأنصار الله الحوثييون في اليمن وحزب الله لبنان والمُقاومة العراقية٠
يعلم الجميع ان عملية طوفان الأقصى هي ليست وليدة اللحظة بل تمتد جذورها إبان الاحتلال الإسرائيلي في عام ١٩٤٨ وأبعد من ذلك نتيجة التجاوزات الصهيونية ومُساعدة الاستعمار الإنجليزي في هذا المشروع ووعد بلفور وزير الخارجية البريطاني او تصريح بلفور هي الرسالة التي ارسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ ٢ نوفمبر ١٩١٧ الى اللورد ليونيل والتر دى روتشيلد يشير فيها لتأييد حكومةبريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود فى فلسطين وهذا يعود لتاريخ الحربين العالميتين الأولى والثانية وتقاسم منافع وأراضي منطقة الشرق الأوسط التي جاءت كرد فعل ستراتيجي بعمُق تاريخ المشروع٠

رغم الخسائر المادية والبشرية التي الحقت بالمدنيين الفلسطينين والتجويع وضرب كل أشكال الحياة في غزة العزة والكرامة والحرية إلا أن هزائم الصهاينة وكسر شوكتهم أصبحت واقعاً جديداً على الساحة السياسية والعسكرية العالمتين وبرزت المقاومة في نمط جديد من المواجهة العسكرية التي اذلت الكيان من خلاله وهو حرب الأنفاق وقدرة حماس على الإستمرار واستيعاب ومرونة الرد والتكيف في ميدان المعركة طيلة اشهر المعركة والامكانية الإعلامية وكامرة المقاومة التي عملت بخط موازي مع فوهة البندقية وفتكت هي الأخرى بهم من خلال تسجيل غالبية العمليات العسكرية للمقاومة والتي فوتت الفرصة على الصهانية في تمرير او تسويق أي انتصارت كاذبة٠

الجانب الأهم في هذه المواجهة هو انعكاسات طوفان الأقصى على الداخل الإسرائيلي ومستقبل الكيان الآيل الى الزوال أن في الوهلة الأولى قد رأينا هرولة المستوطنين اليهود إتجاه المطارات هروباً من مصير الموت في دولة مزعومة فما توفرهُ الدول الغربية والاوربية أفضل بكثير مما هو موجود على الأرض المحروقة فالفرد الصهيوني أصبح أمام مصير صعب فهو لا يعيش على أرض شعب الله المختار ولا قيمة لقانون العودة الصهيوني فالحلم قد بددتهُ المقاومة الإسلامية، فسرعان ما دبّ الخلاف والصراع بين الفرقاء السياسيين الصهاينة في داخل الكنيست الإسرائيلي ، أي مجلس النواب ومجلس الحرب والقيادة السياسية ممثلة بحكومة بنيامين نتنياهو حول جدوى استمرارية الحرب او الوصول الى إتفاق لإيقافها او التهدئة لأيام معدودة وتبادل الأسرى وكل ذلك المخاض لم يخلو من تبادل الإتهامات بينهم نتيجة تأثر الكيان الإسرائيلي على الصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي والإعلامي والعالمي والخسائر المادية والمعنوية والبشرية وغياب الرؤيا، فعمل الوساطات العربية والأمريكية والموساد والتوصيات والإقتراحات التي يقدمها جميع هؤلاء ومساعي الوصول الى حل بين الأطراف تجد القيادة السياسية في الكيان تعارض رأي الموساد الإسرائيلي الذي يؤكد على ضرورة الذهاب الى إنهاء الحرب مع حماس والفصائل الفلسطينية خصوصاً في هذه الأيام الأخيرة لكن حكومة نتنياهو تجد نفسها حيال محاسبة قانونية في الداخل الإسرائيلي حكومةً وشعباً وكذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية، فقد نشرت صحيفة هآرتس عن المتحدث السابق باسم الجيش الاسرائيلي (بيتر لينير) يقول "نتنياهو  وعد بانتصار على حماس لكنهُ قادنا لهزيمة وحكومة نتنياهو أدت لفقدان الثقة الدولية بإسرائيل"
وهذا حقيقة ما أتحدث عنه في الواقع الداخلي والخارجي وهنا لا قيمة في كلام المرجفين والمتصهينين والمتخاذلين الذين يصرخون ليل ونهار على المقاومة الإسلامية محاولين تثبيط عزائم المجاهدين او حرف الحقائق عن مسارها الطبيعي ونتائجها المبهرة التي كتبتها المقاومين بدمائهم الزكية الطاهرة فلا إنتصار ولا خيار أمام شعوب المنطقة إلا المقاومة ومواجهة تحديات الاحتلال بكل أشكاله وصوره٠
وفي الختام قال المتحدث الحالي بإسم الجيش الاسرائيلي "الحديث عن القضاء على حماس خداع للجمهور لأن حماس فكرة ولا يمكن تدمير الأفكار بالدبابات والمدفعية والصواريخ" وبهذه القناعة الصهيونية نرى أن نتنياهو ذاهب نحو الانتحار والعجز والتشرذم اذا ما تراجع عن قرارته المجنونة وهذا ما اكدهُ وزير الدفاع الإسرائيلي السابق في تصريح له (افيغدور ليبرمان)وهو يقيم نتائج الشهور الثمانية من العدوان على غزة فيقول "بعد ٨ أشهر من الحرب حصلنا على العار الكامل بدلاً من النصر الكامل"٠
حيث يؤكد الله عز وجل وعده الصادق بالتمكين للمجاهدين والمستضعفين في الأرض فيقول الله تعالى: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [القصص: 5، 6]
انتهى
google-playkhamsatmostaqltradent