recent
أخبار ساخنة

الصحة العامة تحت المجهر

الحرير/
بقلم/ عامر جاسم العيداني 
إن الدولة مسؤولة عن الصحة العامة للمجتمع متمثلة بوزارة الصحة والتي بدورها تنظم جميع الشؤون الصحية في البلد وتشمل مهامها بصورة خاصة:
أ - الحفاظ على الصحة العامة بتقديم الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية والرقابية.
ب - تنظيم الخدمات الصحية المقدمة من القطاعين العام والخاص والإشراف عليها.
ج - توفير التأمين الصحي للمواطنين في حدود الإمكانات المتوافرة لديها.
د - إنشاء المؤسسات والمعاهد الصحية التعليمية والتدريبية .
إن من اهم واجبات وزارة الصحة هو الاهتمام بالوقاية والرقابة الصحية لأنها سوف تحافظ على الصحة العامة للمواطن من الأمراض وتؤدي الى خفض الجهود والأموال التي تصرف على المؤسسات العلاجية من مستشفيات ومراكز صحية وتخفيض استيراد الأدوية، وهنا يتطلب من مؤسسات الرقابة بذل الجهود بشكل واسع لمراقبة صنع وانتاج الأغذية من ناحية العناية والفحص، لمعرفة صلاحيتها للاستهلاك البشري، وعدم تركها سائبة كما يحصل الان في الأسواق من عرض المنتجات الغذائية في العراء وتحت حرارة الشمس والغبار والحشرات خصوصا المعجنات، والحبوب بالإضافة إلى صناعة المأكولات على الأرصفة بشكل مفرط، والمطاعم التي تعمل خارج الشروط الصحية حيث الرقابة مفقودة نهائيا.
 أما الوقاية التي تشمل التطعيم ضد الأمراض، رغم توفرها وتيسرها بشكل جيد، إلا أن الوقاية من المصادر المسببة للأمراض لم نر اهتماماً بها، خصوصا رش المبيدات الحشرية وردم المستنقعات، ورفع النفايات التي تنتشر بشكل واسع، خصوصا في المناطق العشوائية التي تشكل خطراً عاما على الإنسان وزيادة الإصابات بالأمراض المختلفة .
إن توقف عمل دوائر الوقاية والرقابة الصحية عن أداء واجباتها بشكل واضح ومؤسف أدى إلى زيادة كبيرة في الإصابات المرضية، ويُلاحظ ذلك بكثرة المراجعين للمراكز الصحية والمستشفيات التي لا تستوعب هذا الزخم الهائل من المرضى، ناهيك عن عدم توفر الأدوية ومستلزمات العلاج وعدم توفر الخدمات والعناية المطلوبة .
من ناحية أخرى لم تراعِ الدولة واجبها في موضوع العلاج وتوفير مستلزماته عن طريق بناء المستشفيات والمراكز الصحية المتطورة، حيث لم نشهد إضافة جديدة منذ نهاية حقبة النظام السابق، وما نشهده من بناء وحدات صحية يتسم بالبطء وعدم الاهتمام بإنجازها في الوقت المحدد لها، كما لا يوجد اهتمام بتوفير الأدوية الضرورية ومستلزمات العلاج من مواد وأجهزة فحص لديمومة عمل مؤسساتها الصحية .
أما التأمين الصحي فلم يرَ النور رغم صدور القوانين الخاصة بتنفيذه، وكثرة التصريحات حوله، ولا يوجد عمل فيه على أرض الواقع، رغم حاجة المواطن له لتخفيف معاناته. 
يضاف إلى ما ذكرناه، لم تعمل الدولة بجد على إنهاء معاناة المجتمع من سوء خدمات الكهرباء والماء اللذين يسببان بشكل رئيسي الكثير من الأمراض، ولم تعمل دوائر البيئة بشكل جدي في مراقبة ومنع التلوث الحاصل من الغاز المحترق المصاحب لإنتاج النفط، وردم أنهر المجاري التي تنتشر نتيجة البناء العشوائي في كثير من الأحياء السكنية، ووقف مصبات المجاري على الأنهر الرئيسية وانتشار النفايات في كل مكان.
إن الصحة العامة على المحك في دولة غنية كانت في العقود السابقة تُعدُّ من أفضل الدول بتقديم الخدمات الطبية، وقد وصلت إلى حالة من التردي المؤسف، جعل من صحة المواطن تجارة للمؤسسات الصحية للقطاع الخاص تستنزف دخله وتزيد من معاناته.
والجدير بالذكر إن المعاناة التي سببتها الحروب والحصار الاقتصادي للشعب العراقي، من انتشار انواع الأمراض التي مازالت آثارها واضحة على كبار السن وأورثها الأبناء، خصوصا الأمراض المزمنة التي تحتاج إلى علاج ورعاية بشكل دائم، كما تحتاج إلى انشاء مراكز ابحاث للوقاية منها وإيجاد العلاج لها.
ومن هنا ندعو وزارة الصحة إلى معالجة الوضع الصحي المنهار تقريباً من ناحية توفير الأدوية الضرورية، والأجهزة الطبية الحديثة، والاهتمام بالخدمات والعناية بالمرضى، وتوفير سبل الراحة والرعاية لهم،  وانشاء مستشفيات حديثة بكوادر ادارية متدربة، ولديها ممارسة فعلية في كل الاقضية والنواحي، حيث تتعالى صرخات المرضى وتكثر الوفيات خاصة بين الأطفال وكبار السن.


google-playkhamsatmostaqltradent