الحرير/
بقلم/د.محمد العبادي
منذ انتصار الثورة الإسلامیة في إیران إنتخب الشعب الإیراني ثمانیة رؤساء في أربعة عشر دورة إنتخابیة .
کان بني صدر أول رئیس للجمهورية الإسلامیة ، وبعد عزله من قبل مجلس الشوری ؛إنتخب الشعب الشهید محمد علي رجائي ، لکنه لم یبق سوی شهر واحد، وتعرض للإغتیال مع رئیس الوزراء محمد جواد باهنر، وبعد ذلك إنتخب الشعب الإیراني آیة الله السید علي الخامنئي رئیساً للجمهوریة، وبعد وفاة الإمام الخمیني (رحمه الله ) في عام 1989م؛ إنتخب آیة الله السید الخامنئي - من قبل مجلس الخبراء- قائداً للثورة الإسلامیة وولیاً لأمور المسلمین خلفاً للإمام الراحل، وفي انتخابات رئاسة الجمهوریة إنتخب الشعب الشیخ هاشمي رفسنجاني لدورتین رئاسیتین ، وجاء بعده السید محمد خاتمي لدورتین، وبعده أحمدي نژاد لدورتین أیضا،ثم الشیخ حسن روحاني لدورتین أیضا، إلی أن جاءت النوبة للرئیس الثامن في الدورة الثالثة عشر السید إبراهیم رئیسي،لکن الأقدار لم تمهله من سعتها، وعاجله الأجل، بعد مضي ( ۲۷) شهراً من تولیه منصب رئاسة الجمهوریة.
أیاماً معدودات تفصلنا عن موعد إنتخاب الرئیس المقبل لإیران . وسیؤدي النّاس الأمانات إلی أهلها في تکلیفهم وتصویتهم الإنتخابي .
یتنافس المرشحون من التیارین الأصولي والإصلاحي علی منصب الرئاسة،وتنوعت برامجهم ودعایاتهم وشعاراتهم الإنتخابیة، وحتی هذه اللحظة یمکن أن تحتدم المنافسة بین ثلاثة من المرشحین الستة، وهم : 1- الدکتور محمد باقر قالیباف : وهو شخصیة عسکریة وأمنیة ، ثم إنتقل إلی السیاسة ،ویشغل حالیاً منصب رئیس البرلمان الإیراني .
وقد حصل علی شعبیة واسعة خاصة عندما کان رئیساً لبلدیة طهران.
ویحظی حالیاً بدعم التیار الأصولي وقد أیدته منظمات واحزاب وجمعیات ؛مثل :جمعیة الأوفیاء للثورة الإسلامیة - المجلس التنسیقي للمنظمات الثوریة - حزب الجیل الجدید - حزب الخدمة والمطالب الإسلامیة وغیره.
2- الدکتور سعید جلیلي : وهو شخصیة سیاسیة وحاصل علی دکتوراه في العلوم السیاسیة من جامعة الإمام الصادق علیه السلام.
تولی مناصب عدیدة منها: رئیس مکتب التفتیش بوزارة الخارجیة - ونائب وزیر الخارجیة لشؤون أوربا والولایات المتحدة الأمریکیة - وأمین المجلس الأعلی للأمن القومي - وعضو مجلس تشخیص مصلحة النظام.
یحظی سعید جلیلي بدعم وتأیید التیار الأصولي ، وقد أعلن عدد من الأحزاب والمنظمات تأییدهم له؛ ونذکر منها: جمعیة المنظمات الفنیة والهندسیة الإیرانیة -حزب الرفاه الإسلامي - جمعیة المدافعین عن الثورة( رزما)- حزب العدالة الإسلامي- أیضاً المجلس التنسیقي لقوی الثورة وغیره.
3-الدکتور مسعود پزشکیان: وهو دکتور متخصص في جراحة القلب، لکنه إنتقل إلی السیاسة بعد نشاطه الملحوظ في رئاسة جامعة العلوم الطبیة في تبریز وتولیه مدیریة مستشفی تبریز ، وفي زمن رئاسة السید محمد خاتمي اختیر وزیراً للصحة .
یحظی حالیاً باجماع التیار الاصلاحي علی تأییده ، وتقف وراءه احزاب و حرکات وتنظیمات؛ مثل : حزب إتحاد الشعب - حزب العمل الإسلامي - حزب التضامن - الحزب الجمهوري الایراني- ائتلاف الأحزاب النسویة الإصلاحیة - الرابطة الإسلامیة لأساتذة الجامعات وغیره.
إنّ نظرة سریعة للشخصیات المرشحة وبرامجها وعمقها ورصیدها الجماهیری تشیر إلی أن التنافس سیکون علی أشده في الأیام القلیلة المتبقیة ، ومن ملاحظة ما طرحه المرشحون في اللجان الثقافیة، والسیاسیة، والإقتصادیة وتحرکاتهم المیدانیة یبدو أن التیار الأصولي متقدماً علی التیار الإصلاحي،وبرامجه واقعیة وعملیة، وهو یؤمن بأنّ الشعب مصدر القوة ومنه ینطلق في حل المشکلات الداخلیة إلی الخارج ،أما التیار الإصلاحي فیبدو أنّه یعیش علی سقطات التیار الأصولي وانتقاده ، وهو یعول علی حل المشکلات مع الخارج وینطلق منها إلی الشعب وهي حرکة معاکسة لحرکة التیار الأصولي في حلحلة المشکلات .
من الملاحظات الحسیة؛ هي أن الفضاء المجازي الإیراني ملیئاً بالمواقع المؤیدة للدکتور مسعود پزشکیان وتقدم للنّاس استطلاعات للرأي قد تکون (وهمیة) تشیر إلی تقدم پزشکیان علی منافسیه .
من الملاحظات علی التیار الأصولي هي أنه منقسم علی نفسه بین مؤید للدکتور جلیلي،وبین مؤید للدکتور قالیباف ، وإذا لم یحسم أمره لأحدهما فستذهب أصواته سدی ،ویتقدم علیهم التیار الإصلاحي المتحد والمتوافق علی الدکتور پزشکیان.
ربما في الساعات الأخیرة من الدعایة الإنتخابية سیؤثر أحدهما علی نفسه ویؤید الآخر بعد ایجاد مخرج توافقي للتخلص من هذا التشظي الداخلي .
إنّ نتائج الإنتخابات الإیرانیة ستنعکس علی الخارج الإقلیمي والدولي، لأنّها دولة قاعدیة مؤثرة ، ونرفع أیدینا إلی مقلب القلوب والأبصار أن یحول حال هذه الدولة المدافعة عن حقوق المظلومین إلی أحسن الحال .