الحرير/
بقلم/سامي التميمي
نعم لابد من سن وتشريع القوانين ، ولابد من سلطة قوية تحمي الدستور والقوانين ، ولكن ضرورة أن تكون هناك رحمة فوق القانون ، ولذلك ورد في كتاب الله العزيز الحكيم الكثير من الآيات الكريمات ، ترشدنا وتهدينا وتبلغنا عن الرحمة ، وعن أن الله غفور رحيم ، رغم قوته وعظمته وجبروته .
بسم الله الرحمن الرحيم .
(فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ). صدق الله العلي العظيم .
للأسف هناك بعض المسؤولين في الدولة والبرلمان والقضاء ، حريص ومهتم وقاس في أكثر الأحيان في تطبيق القانون بحق الأخرين وخصوصاً ، خصومه أو من كان أدنى منه درجة علميةًوأقتصاديةًوأجتماعيةً وسياسية أو أدارية ، بينما تراه متراخياً أو مهملاً أو محاولاً بأي شكل وثمن ، طمس وأخفاء معالم تقصيره وأهماله وجريمته ، أو تسفيهها مع حاشيته وأبواقه الأعلامية والمقربين من دائرته .
أتذكر حادثة رواها لي بعض المنتسبين في التسعينيات وفي زمن الحصار الظالم على العراق ، في محكمة الأمن الأقتصادي أبان حكم البعث وبالتحديد ضمن فترة صدام .
قالوا لي : من المفارقات المضحكة والمبكية بنفس الوقت ، جاءوا بأمرأة كبيرة بالسن تجاوز عمرها 90 عاما ً ، حامليها ومعها ( بسطية ) عبارة عن ( صينية صغيرة ) . تبيع فيها بعض قطع الحلوى ، وعلبة ( سكائر فايسوري ) . الى قاعة المحكمة وهي مرعوبة تبكي وتصرخ .
فسألهم قاضي المحكمة : مامشكلتها ، مالذي فعلته هذه المسكينة .
فقالوا له : سيدي القاضي هذه بسطيتها وكانت تبيع ( سكائر فايسوري ) بالمفرد . وهذا مخالف للقانون وتعد جريمة أقتصادية .
فلم يتمالك نفسه القاضي من الغضب ، وراح يصفق بيديه معبراً عن أسفه وأمتعاضه وحزنه لمايجري ، ومامدى الظلم والأستهتار والفوضى .
وهو يعرف تماماً من هم التجار والمافيات الكبار والمسيطرون على التجارة والمال الحرام في البلد ، لكن الجميع لم يكن يجرؤا أن يسميهم بأسمائهم ، أو مجرد الإشارة لهم وعلى رأسهم ( عدي وقصي ) وأولاد الوزراء والضباط الكبار .
فقام ونهض من كرسيه وقال لهم بصوت غاضب : أطلقوا سراحها وأخرجوها وأوصلوها لبيتها مع أغراضها ( بسطيتها ) .
وأياكم أن تأتوا لي بمثل تلك الحالات ، هناك تجار وعصابات ومافيات ( تبيع وتشتري بالعراق ) ولم يجرؤا أحداً منكم أن ينطق بأسمها أو يلقي القبض عليها . ماهذه المهزلة وخرج وترك قاعة المحكمة .
فلذلك العدل أساس الملك ، والرحمة فوق القانون ، وإلا القانون أعمى أن وجد بيد أي مسؤول أو قاضي طبقه بلارحمة ولاشفقة ولادراية ولاحكمة ، فهناك الكثير من القصص ،في مجتمعاتنا ، يحكم أنسان من أجل سرقة رغيف خبز ليأكله ، بينما يطلق سراح مرتشي وفاسد ومبتز ، لأجل منصبه وحزبه وقرابته من المسؤول والقاضي .