recent
أخبار ساخنة

"أخلاق اللصوص"

الحرير/
بقلم/الكاتب فؤاد سالم المبارك
في الحضارة الإسلامية.. حرّموا سرقة ممتلكات الأسخياء والفقراء والنساء والجيران واستحلوا أموال مانعي الزكاة
إن اللصوصية سلوك مجَرَّم بلا ريب، ولكنها عندما "تمتهنها" جماعات ذات أعداد ضخمة، تنتشر في بقاع عدة متباعدة في الجغرافيا الإسلامية وفي أزمنة متقاربة؛ فإنها تتحول إلى ظاهرة اجتماعية وسياسية يجب أن تدرس بعناية، حتى يتسنى فهم مكونها الحاسم الذي يبدو أنه يتعدى الوجه الإجرامي إلى أوجه أخرى قريبة من الاحتجاج الحقوقي والتذمر الاجتماعي
ففي العراق مثلا حيث نشأت هذه الظاهرة أول مرة؛ نجد أن بعض هذه العصابات كان من القوى المنخرطة في الصراع على عرش الخلافة العباسية أواخر القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي، بكل ما لابس ذلك من إشكالات شعوبية ومجتمعية ومذهبية، بل إن الجناح البغدادي في الصراع لو أنه أخذ وجهة النظر العسكرية لهذه العصابات على محمل الجِد لربما تغيَّر وجهة التاريخ
بادئ ذي بدء، لا بد من الإقرار بأن قضية الفساد والمفسدين ليست مقتصرة على كيان أو دولة بذاتها، وقد أصبح الامر مستشريا بشكل مريب ومخيف في عالمنا المعاصر، خصوصا في تلك البقاع التي تفتقد فيها العدالة والرقابة، وقد لا أكون مبالغا بأنه أمسى كالسرطان بسرعة انتشاره وكالأخطبوط بأسلوب سيطرته على زمام الامور، وبحيث اصبح قلما تجد مكانا يخلو من أي شكل من اشكال الفساد.
المجتمع العراقي يشكو من الحكومات والسياسيين ويشكو من كثرة الفساد، ومن المسؤولين السرّاق،ومن عدم الأمن ،والبطالة ،والفقر ،وغيرها ،ولكنه لا يغيّر هذا الواقع السيئ.
السبب في ذلك يعود الى عدم احساسه وشعوره بالمسؤولية، والمجتمع عندما يكون هكذا، فسيعيش هكذا ويموت هكذا، والدليل في ذلك الانتخابات، فهو يعود في كل مرة وينتخب الفاسد
ولو كان هذا السارق او المجرم شخصا واحدا لقلنا إنها سَوْرَةُ غضب استحوذت عليه، أو لقنا لعلّ مسًّا أصاب عقله، لكننا امام جيش جرار من السراق للمال العام والخاص، انتفخت بطونهم من خيرات العراق، واحمرت وجوههم من نعيمها، واوغلت أيديهم في دماء الأبرياء
هل الدولة العراقية مظلومة عندما وصفت بـالدولة السارقة ام أنها غير مظلومة؟ 
أكبر دليل على انها سارقة هو أن ذلك الوصف لم يأت من أعدائها ولكنه جاء من أبنائها (متظاهرين وغير متظاهرين)، فـشهد شاهد من أهلها، وجاء من تقارير المنظمات الرصينة ومن تصريحات المسؤولين والبرلمانيين ومن وقائع باتت عرفا معروفا ومتداولا
الدولة (رغم توقّحها بأنها دولة مبادئ، وقوانين وقيم)، سارقة وفيها فساد مروع ومحسوبيات صحيح ….ولكن 
لماذا الشركات الخاصة بكافة أنواعها من اتصالات الى تجارة وغيرها سارقة وفيها محسوبيات….؟ 
لماذا أصبحت المستشفيات الحكومية رديئة (خدمات وجودة) والمستشفيات الخاصة جزارين وتجار….؟ 
لماذا اكثر الاطباء ماديين وعديمي الرحمة والانسانية…؟ 
لماذا قسم من المحامين كذابين ونصابين ويتاجرون ببؤس موكليهم وينظرون لمهنتهم (رسالة العدل وملاذ المظلوم) بانها تجارة ونصب واحتيال على المواطن
لماذا كثر أصحاب الشهادات العليا المضروبة والمدفوعة الثمن ومنهم فشل في الحصول على الثانوية العامة؟
لماذا أصبح غالبية الصيادلة سراق وطماعين…. 
لماذا الصديق يسرق صديقه ويقول الوقت يتطلب هكذا..؟ لماذا لماذا كثيرة ومتشعبة…
ومِنْ أجل مَنْ هذه “الإصلاحات”؟ هل من أجل الشعب والوطن المسروق والمنهوب، أم من أجل تثبيت دعائم حُكم السارقين والناهبين؟ لاسيما ان تلك الإصلاحات بقيت تراوح مكانها بين البرلمان والحكومة تحت عنوان إعطاء تفويض او سحب تفويض، ولم نسمع في أي دستور او قانون او نظام دولة ما، بان هناك سحب او منح تفويض تشريعي من البرلمان لسلطة تنفيذية
google-playkhamsatmostaqltradent