الحرير/
بقلم : كمال فتاح حيدر
عملياً وواقعياً صار بإمكان اليهودي الانتقال من شتى أرجاء الأرض للعيش بأمن وأمان وبأرخص الأثمان الى المكان الذي يختاره هو بنفسه داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، بموافقة ومباركة كل الأطراف في الداخل والخارج، ومن دون ان يواجه أية صعوبات أو منغصات أو اعتراضات، لأن الاعتراض على سلوكه أو انتقاد تصرفاته يمكن تفسيره في المحاكم المنافقة على انه معاداة للسامية حتى لو كان المهاجر اليهودي من أصل غير سامي (بولندي أو أرجنتيني أو روماني) أو من خارج المجموعة الشمسية. فيحق له ان يسكن الضفة الغربية حتى لو كان ينحدر من قبيلة تنتمي إلى هيوستن في الولايات المتحدة، ولا تنطبق عليه الالتزامات الأخلاقية المرتبطة بحقوق الإنسان، فهو غير معني بها، وبإمكانه القيام بكل الانتهاكات ضد عامة الناس حيثما يشاء من دون ان يحاسبه احد. بل بامكانه ان يقتل من يشاء من غير اليهود، ثم يلتقط صورة سيلفي قرب جثة الضحية مع ابتسامة عريضة يعبر فيها عن فرحته الغامرة بهذا الانتصار التوراتي. .
ولديه تأمين صحي ودراسي واستيطاني للعيش في شقق حديثة ومؤثثة، ناهيك عن الاستثناءات الضريبية والجمركية التي يحظى بها دون غيره. .
ويحق للجندي الاسرائيلي أن يقتل ما يشاء من الناس بصرف النظر عن أوضاعهم وأعمارهم، حتى لو كانوا أجنة في بطون امهاتهم، فنزعاته العدوانية مكفولة دولياً تحت عنوان: (الدفاع عن النفس). .
ويحق لأي يهودي العيش في فلسطين والتمتع بالحرية المطلقة في ظل هذا الكيان الغاصب شريطة أن لا يكون عربياً من غزة، أو من الضفة الغربية.
اما حقوق المرأة فهي مكفولة 100% لكل النساء باستثناء الفلسطينيات (المسيحيات والمسلمات)، اللواتي ليس لهن الحقوق المتعارف عليها. .
اما النظام السياسي المتحكم بهذا الكيان فهو غير مشمول بالعقوبات الدولية، حتى لو ارسل طائراته الحربية لقصف الأهداف المدنية في عموم بلدان الشرق الأوسط، من دون يعبء بقرارات مجلس الأمن، أما إذا واصل عدوانه على من يشاء من خلق الله فسوف يأتيه الدعم الحربي من الولايات المتحدة ومن بلدان الاتحاد الأوروبي، من دون ان يضطر لدفع فلساً واحداً عن قيمة الأسلحة الفتاكة، وتأتيه الذخيرة الهائلة جوا وبحراً. وربما يرسلون جنودهم لتعزير هجماته الهمجية مهما بلغت التكاليف والتضحيات. فقد سقط الجنرال (هامبرك توماس) قائد كتيبة الفهود البريطانية المشاركة في حرب غزة إثر تفجير المنزل الذي كان يتحصن فيه مع مجموعة من افراد كتيبته. وسقط القناص الفرنسي (العقيد إيمانويل سينار)، الملقب بالذئب الأحمر، وهو قائد كتيبة المهمات الخاصة 8011. .
ولا تندهش إذا علمت ان حكومة هذا الكيان أرسلت جنودها لاعتقال المدنيين من غزة، من بينهم نساء وصبيان، وأعادتهم موتى في أكياس بلاستيكية بعد مضي اكثر من أسبوع، ثم تبين بعد الكشف عليهم انهم بدون أعضاء بشرية. فقد سرقوا قلوبهم وأكبادهم وجميع أعضاءهم الداخلية والخارجية، كانوا عبارة عن هياكل عظمية تكسوها جلود ممزقة. يصعب التعرف عليهم، فجرى دفنهم جنوب القطاع في مقابر جماعية بإشراف الهلال الأحمر. .
كانت هذه صورة حقيقية مختزلة عن كيان وحشي مدعوم من القوى الدولية الغاشمة. .