الحرير/
بقلم/حسين الذكر
في الأنظمة المتحضرة عادة ما تكون السلطات المحلية او الأنظمة المجتمعية غير خاضعة ولا مرتبطة بشكل دائم ومباشر بالمنطق الحزبي والسلطوي القائم .. فهي تنفصل وتستقل بشكل ما عن القوى الأخرى سيما اثناء الانتخابات او الازمات السياسية والصراعات والحروب والكوارث .. تعمل جنب الى جنب مع بقية منظمات المجتمع المدني واغلبها ذات طابع خدمي لا تتدخل بامور سياسية فصلاحيتها متكاملة غير منقوصة في تقديم الخدمات ولا تخضع لمنطق التحزب والمناهج الضيقة .. اذ تبقى حبيسة الأفكار الخلاقة المدنية لحل المشاكل التي تعتري وتحيط بالمدن والمجتمع .
لا يقصد انها مستقلة بشكل كامل تدير نفسها بنفسها مملكة غير خاضعة لدستور البلاد وتعليماته وقرارته ولا هي تمارس دور حكومات تصريف الاعمال فحسب . بل هي مؤسسات همها الأول والأخير عمراني خدمي بشقيه التحتي والفوقي .. وتبقى عاملة لما به خير البلاد ومن أولوياتها استمرار عمل المؤسسات التي تقدم خدمات مباشرة وتدار من قبل كفاءات وطنية ذو اختصاصات معينة قادرة على العمل ولا تخضع لاي معيار طائفي او حزبي او عشائري او قومي او ديني .. لذا فتحرص الدول المتحضرة على ان يكون العاملون في مجالس المحافظات مستقلين قدر الإمكان ويتمتعون بفكر خلاق وصلاحيات واسعة واختصاصات خدمية تحتاجها المدن والمجتمع بشكل غير منقطع .
هنا لا نتحدث عن حلم طوباوي او نضرب مثلا في بيئة خيالية .. بل ان اغلب المدن المجاورة والقريبة الإسلامية والعربية من العراق خاضعة لهذا المنطق ولا يتغير بتغير الحكومات والأحزاب الا موظف واحد او اكثر ويكون على راس إدارة المجالس المحلية كرد فعل انتخابي طبيعي او حكومي يتعلق بسوء أداء الموظف السابق او لتزويد المجالس بقدرات وطاقات بشرية خلاقة قادرة على تلبية الطموح والاهداف المرسومة ..
فعلى سبيل المثال في العراق يجب ان لا تبقى واجبات مجالس المحافظات محصورة بتزويد المواطنين بتاييد سكن كحلقة زائدة ينهض بها غيرها .. بل يجب ان تتولى - على سبيل المثال - مراقبة وتنظيم وحل أزمات المرور وتبليط الشوارع ووضع الاشارات المرورية وفتح شوارع ووضع خطط بديلة مع الجهات المعنية لمعالجة أي خلل .. ووضع حلول جذرية لمسألة التكاتك والدراجات النارية التي أصبحت مرض مجتمعي خطير جدا ويحتاج عملية تنظيم حقيقي . كذا متابعة ومراقبة الكازينوهات والكوفيات وتنظيم عملها وساعات الفتح والاغلاق ومن يدخل بها وما يبث ويباع يشترى ويتداول فيها .. غير ذلك من ملفات التعليم والصحة والامن والشباب والرياضة والكثير الكثير .. مما يعد منجما وطنيا لقوى حبتنا بها السماء وآن لنا ان ننظمها بالشكل المطلوب .