recent
أخبار ساخنة

أوجاعنا بعد سن التقاعد

الحرير/
بقلم : د. كمال فتاح حيدر 
لابد ان تكون لك درجة وظيفية عالية قبيل احالتك إلى التقاعد، لأنك امضيت عمرك الوظيفي في تسلق السلم الإداري نحو الأعلى، ولابد ان تكون لك مواقف اخوية وانسانية ومهنية وتعاونية مع العاملين معك، وبخاصة مع الذين شملتهم برعايتك وقدمت لهم الدعم المعنوي، وربما كانت لك خطوات مشهودة في إختيار بعض المؤهلين منهم لكي يتبوءوا المراكز المتقدمة. . 
انا شخصيا وبعد خدمتي الطويلة في العمل المهني والاداري كانت لي تجارب مماثلة، فانا لا أختلف عن أي موظف آخر، ولكن يحز في نفسي ان ارى الجحود ونكران الجميل في سلوك الكثيرين من الذين ضحينا من أجلهم، ووفرنا لهم اقصى درجات الدعم والاسناد، وكنا متعاطفين معهم. والمؤلم في الأمر اننا وبعد مغادرتنا الوظيفية تعرضنا لهجمات قاسية منهم. . هجمات لم نكن نتوقعها، ولم تخطر ببالنا. ومنهم من انتهز غيابنا للتنفيس عن أحقاده المكبوتة في الاساءة إلينا، وتشويه صورتنا. لم نكن بحاجة إلى تثمين جهودنا الضائعة معهم، بقدر ما نريد العيش بسلام من دون ان نتلقى الوخزات المؤلمة من تلاميذنا الذين زرعنا لهم الخير فحصدنا منهم الخيبة. فناكر المعروف شخص يكره نفسه قبل أن يكره غيره. وهو من أكثر الناس نفاقاً. .
فالموظف عندما يزرع البذرة قبل إحالته إلى التقاعد، وحين ينقل تجاربه إلى الشباب، وحين يفعل الخير فإنما يهب جزءاً من شخصيته، ليضيفها إلى المرتبطين به في العمل، ويتعين عليهم ان يذكرونه بكل خير على أقل تقدير. .
كان الدكتور (X) يترأس احدى الهيئات التنفيذية، ولما شعر بقرب نهاية خدمته، اوصى بترشيح تلميذه (Y) بديلاً عنه، لكي يحل محله بعد مغادرته، لكنه ما أن غادر تلك الهيئة حتى أصبح (Y) من أشد المحرضين ضد استاذه (X) ومن أعنف المشوهين لسمعته. . 
فالوفاء لكبار السن هو احترامهم والحفاظ على مكانتهم حتى دون أن يفصحوا عن رغباتهم، وهذا أقل من استحقاقهم، والوفاء خصلة جميلة ونادرة في هذا الزمن المريب، وهو صفة اخلاقية تتمثل في تكريم المتقاعدين دون الإساءة إلى أي منهم، وهذه هي القيم الوظيفية السامية والمثلى التي ينبغي ان يتحلى بها التلميذ في التعامل مع معلمه، وقد جعل الله الوفاء مؤشراً للعدالة والانصاف. . 
ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود ؟. .
google-playkhamsatmostaqltradent