recent
أخبار ساخنة

الملكات الأخلاقية

الحرير/
بقلم/المحامي علاء صابر الموسوي.
الملكات الأخلاقية هي القوى النفسية ، أو السجايا  المتأصلة في النفس الإنسانية ، والتي تحرك الإنسان نحو فعل معين دونما كلفة أو معاناة باطنة .
فهي سجية طبيعية مركوزة في ذات الإنسان بسبب الاستعداد الفطري عند الإنسان ، والتي تنمو وتترسخ وتأخذ صيغتها العملية ، عن طريق التربية الرياضية النفسية والسلوكية ، واستمرار الاعتياد حتى تصبح صفة ملازمة ، وكيفية طبيعية للذات الإنسانية الباطنة ، فمن الناس من يملك القوة النفسية والاستعداد العملي لإحداث سلوك معين ، خيرا كان هذا السلوك أو شرا ، دون أن يتكلف هذا السلوك ، أو يرغم نفسه عليه ، أو يجد زواجر ذاتية عند إحداثه ، بل يُحدثه بصورة اعتيادية ، تمثل امتدادا نفسيا خارجيا لذاته الباطنة وبواعثه الداخلية .
فالإنسان الذي يتمتع بملكة الشجاعة والصبر والعدالة والكرم مثلا ، يستطيع أن يقف المواقف الشجاعة ، وان يتحمل ويصبر ، وان يكون عادلا وكريما بلا تكلف أو تصنع ، ودون أن يلاقي مشقة أو معاناة داخلية عندما يمارس هذا السلوك ، بل هو يجسد بسلوكه هذا صورته الباطنة في العالم الخارجي ، ويعبر عن ذاته وبواعثه النفسية كما هي في حقيقتها الاعتيادية ، وكذلك الإنسان المنحط الاخلاق والسجايا ، فهو يؤدي أفعاله ومواقفه بصورة طبيعية غير متكلفة ، ودون أن يحس بردود فعل داخلية معاكسة ، أو يلاقي صراعا باطنيا متعارضا مع مايختار من أفعال ومواقف .
( قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا ) الاسراء / ٨٤ ....
فهو عندما يظلم أو يغش أو يُزيف الحقائق إنما يعبر عن حقيقته الباطنة ، ويرسم صورة دوافعه وملكاته النفسية العميقة الثابتة في ذاته .
وهذا هو الفرق بين الاخلاق كصفة ملازمة للنفس الإنسانية ، وبين الحالات العابرة التي تعرض وتزول بسبب دوافع أو محفزات وقتية طارئة .
فمثلا الشخص الذي يستأسد ويبدي شجاعة يعجب الآخرون في موقف معين بسبب مثيرات ومحفزات آنية ، لانسميه شجاعا مادام هو ليس شجاعا في كل موقف ، بل اتخذ موقفه الشجاع هذا تحت تأثير ظرف معين ، ولو طلب منه أن يقف الموقف ذاته في ظروف ومتغيرات أخرى لما استطاع أن يؤدي نفس الدور الذي أداه في ذلك الموقف ، فهو عاش حالة من الشجاعة، ولكنه لايملك ملكة الشجاعة كسجية ملازمة له ، ملازمة لايسهل معها الزوال والانفصال .
واخيرا نستطيع أن نستنتج بأن الاخلاق في نظر الإسلام قسمان : 
أ- خلق ذاتي يتمتع به الفرد كقوة نفسية وطبيعة ذاتية تساعده على اختيار القيم ، وإحداث المواقف السلوكية.
ب- أخلاق مكتسبة عن طريق التربية والترويض ، سواء أكانت بقصد التصحيح والتوجيه والمعالجة النفسية لتغيير الاتجاه النفسي الباطني المنحرف وغرس اتجاه أخلاقي صحيح ، أم كانت على العكس من ذلك ، وقد أكد هاتين الحقيقين الامام جعفر الصادق عليه السلام بقوله :( الخُلق خُلقان : أحدهما نٍية ، والآخر سٓجيٓة ، قيل : فإيهما افضل ؟ قال عليه السلام النٍية لان صاحب السٓجية مجبول على أمر لايستطيع غيره ، وصاحب النٍية يٓتٓصبر على الطاعة تٓصبرا ، فهذا أفضل ) .
ومن هذا نستنتج أيضا أن البيئة والوراثة والتربية والظروف الفردية للإنسان لها أثرها على تكوين الاخلاق وتوجيه المٓلكات  والاستعدادات النفسية ودرجة رسوخها في أعماق الإنسان .
google-playkhamsatmostaqltradent