recent
أخبار ساخنة

مدينة الطيارين في كوكب أورانوس

الحرير/
بقلم: كاظم فنجان الحمامي 
هذه حكاية واقعية من حكايات 770 ليلة وليلة، وهي المدة المحصورة بين اليوم السادس عشر من الشهر الثامن من عام 2016 واليوم الرابع والعشرين من الشهر العاشر من عام 2018، وتساوي (771) أمضيتها في وزارة النقل بالتمام والكمال. .
كنت أخصص وقتي بعد الدوام الرسمي لزيارة تشكيلات الوزارة بجولات ميدانية متكررة، فوجدت الطيارين العراقيين يقيمون داخل محرمات مطار بغداد في دار قديمة للاستراحة، لكنها كانت غير لائقة لإقامتهم، ولا تتوفر فيها أبسط الشروط المعيشية، ودون مستوى الاقسام الداخلية المخصصة لطلاب الجامعات. ففكرت ببناء مدينة عصرية مؤلفة من شقق فندقية صغيرة، تتكون من صالة وسرير وصحيات، ومجهزة بهاتف أرضي وتلفزيون وتغطية انترنت، يقيمون فيها مؤقتاً ليوم أو يومين لحين تكليفهم برحلة جوية جديدة، وتتكفل الخطوط بتقديم خدمات الغرف بضمنها تنظيف وكي ملابسهم الرسمية. وفي المدينة بوفيه مفتوح وكازينو ومسبح وقاعة رياضية، ويحيط بها سياج امني، وبداخلها كراج صغير لتأمين تنقلاتهم من والى مدرج المطار. .
كانت مجرد فكرة لمشروع خدمي، اخذ طريقه إلى المداولة والمناقشة، وتم تكليف الجهات الهندسية لتقديم التصاميم، واحتساب التكاليف التخمينية ومراحل التنفيذ. فتحوّل إلى ملف مثخن بالاوراق والجداول والخرائط والمرتسمات المعززة بالموافقات، لكنه لم ير النور، ولم نباشر بتنفيذه على أرض الواقع. فقد زُلزلت الأرض تحت أقدام وزارة النقل، وتصاعدت الاتهامات بهدر المال العام، ولم تنم اللجان النيابية ليلها، وتم استدعائي للمثول أمامهم مرات ومرات، ثم تحوّل الموضوع إلى القضاء، وأُدرج في قوائم الاستجوابات والاستدعاءات، واشتركت الفضائيات العراقية كلها في تخصيص برامجها التسقيطية للثرثرة على هامش المشروع (الذي لم يُنفذ) طيلة مدة استيزاري، وظل يتصدر الاتهامات الموجهة لي، على الرغم من تراكم الاتربة فوق أوراقه المرمية على رفوف التعطيل والتأجيل. ثم طواه النسيان، وأصبح من ضمن المقترحات المرفوضة، بينما ظلت التنظيمات الحزبية المتظاهرة بالعفة والتقوى والاستقامة، تنسج الحكايات الوهمية عن المدينة التي أصبحت من مدن كوكب اورانوس في المدار السابع للمجموعة الشمسية. .
وقديماً قالوا: من أراد أن يراك مخطئاً سيراك حتى لو كان معصوب العينين. . .
google-playkhamsatmostaqltradent