recent
أخبار ساخنة

لمحات من التاريخ البحري لولاية البصرة / الجزء الحادي عشر

الحرير/
بقلم: كاظم فنجان الحمامي 
عندما وصلت السفن الحربية (بورصة وإزمير) إلى البصرة، كانت هناك سفن أخرى متخصصة بنقل الجنود والذخيرة، نذكر منها السفينة (Hocabey) بين بغداد والبصرة، اضافة إلى سفينتين تابعتين إلى شركة لينش البريطانية للنقل العام، وذلك بموجب الامتياز الذي حصلت عليه من الدولة العثمانية. .
ونذكر أيضاً ان الوالي نامق باشا تقدم بطلب إحضار ثلاثة زوارق نهرية من أوروبا، وطلب شراء سفينتين حربيتين، على ان تكون تغطية نفقاتها من إيرادات ولاية البصرة، وسعى في الوقت نفسه نحو توسيع حوض صيانة السفن في البصرة، ومحاولة فتح مصنع ومدرسة داخل الحوض، وتعميق الممر الملاحي لمدخل الفاو، وبناء فنار ملاحي كبير على غرار منارة مضيق البوسفور. .
من ناحية أخرى كان للمنافسة مع إنجلترا، التي كان نفوذها يتزايد في المنطقة مع مرور الأيام، التأثير الكبير على تطور هذه الأنشطة. .
كان البريطانيون يمارسون نشاطاتهم البحرية والنهرية في المنطقة من خلال سفنهم المجهزة بأحدث التقنيات. فبعد افتتاح قناة السويس في نهاية عام 1869، أصبح من السهل إرسال السفن إلى الخليج العربي، لذلك أصبحت المنطقة تعج بالنشاطات الأوروبية. وكان والي بغداد رشيد باشا قد أسس في عام 1855 شركة محلية للنقل بين بغداد والبصرة، واستورد سفينتين (بغداد)، و (البصرة). ولكن تلك الشركة لم تزدهر بسبب نقص الخبرات. وقـد أعاد تنظيمها الوالي نامق باشا في 1867، واسماها الإدارة (العمانية العثمانية). وقـد ازداد عدد سفنها وانشات خدمة لصيانتها. ونتج عـن ذلك منافسة بين الشركتين، لم ينتج عنها نقصان في أرباح الشركة الإنكليزية الطائلة. وقد غرقت السفينة (دجلة) أمام حصن البغدادية في الثامن مـن ايلول 1876. واستدعيت فرق للانتشال من انكلترا في محاولة لاخراجها مـن الماء، وانقذت بعض السلع والبضائع. ولكن ارتفاعاً سريعاً لمياه نهر دجلة اجبرهم عـلى تركها في أعماق التيارات. وقد حل محل هذه السفينة سفينة أخرى جديدة بمدخنتين صنعت في انكلترا وركبت في البصرة في 1878، واسميت بلوس لنتش Blosse Lynch، يمكنها نقل 600 مسافر و300 طناً من البضايع. وفي 1880، سيرت الشركة سفينة بخارية جديدة (الخليفة) The Khalifah، وبدأت أولى سفراتها مـن البصرة إلى بغداد في 27 نيسان. وقـد حملت كميات من الدقيق لتخفف مـن المجاعة في الشمال.
وقـد ازداد عدد المسافرين وكميات البضايع، فطلبت الشركة مـن السلطات في اسطنبول السماح لها بتسيير باخرتين، ولكن المشروع لاقى معارضة في بغداد. ولم تحصل الشركة على السماح. ولم تكن الملاحة في دجلة شيئا سهلا، حيث كانت السفينة البخارية تقضي يومين على الأقل بين بغداد والبصرة في احسن الأحوال. وتقتضي السفرة بين ستة ايام وعشرة في فترات الفيضانات. أمّـا صعود النهر مـن البصرة إلى بغداد فقد كان يقتضي ثلاثة ايام ونصف على الأقل وحتى ثمانية ايام. وعندما ينخفض مستوى الماء في الصيف، كانت الملاحة في الليل مستحيلة، وحتى في النهار كانت السفينة تتقدم بصعوبة وبطء. كما ربطت شركة الإخوان لِــنـتـش للملاحة بين بغداد والهند، واصبحت ممثلة للمصالح البريطانية في المنطقة ولهذا حصلت رسميا على حماية وزارة الخارجية البريطانية لها. .
ونعود إلى هنري بلوس فقد شغل مناصب رفيعة في الجيش البريطاني في الهند حتى احيل إلى التقاعد ، فذهب إلى باريس ليقيم فيها. وتوفي في باريس سـنـة 1873. اما توماس كير فقد نشر في لندن عام 1879 كتاب (عبر وادي الفرات)، بلاد ما بين النهرين إلى الهند (Across Mesopotamia to India, by the Euphrates Valley). .
وفي 1887، رفض هنري فينيس، ابن توماس كير، عرضاً للانخراط في السلك الدبلوماسي البريطاني. وكـان هنري فينيس قـد درس في Eton College ثم في جامعة هايدلبيرغ في ألمانيا وفي أكسفورد. وفضل أن يشتغل في شركة عائلته في بغداد : الـ Lynch Brothers’ التي انشئت في بغداد في1841. وسافر في 1888 على صهوة فرس مـن الاسكندرونة إلى حلب فديار بكر، ثم نزل نهر دجلة على كلك إلى بغداد. .
ونرفق لكم صورة لكتابين باللغة الانجليزية حول هذا الموضوع، وسوف نستكمل رحلتنا عبر هذا التاريخ الطويل في الاجزاء القادمة. .
google-playkhamsatmostaqltradent