الحرير/
بقلم: كاظم فنجان الحمامي
حتى لا تبقى النهايات سائبة، وحتى لا تُترك الثغرات مفتوحة للمتكسبين والمتطفلين والمتفلسفين، سوف نسلط الأضواء على أهم النقاط المحورية، ونفتح المجال للحوارات والمناقشات المعززة بالأدلة، آملين ان يشترك معنا خبراء وزارة الخارجية، ويشترك معنا أيضاً اللواء الدكتور (جمال ابراهيم الحلبوسي) باعتباره من خبراء المفاوضات الحدودية، ومديراً سابقاً في المساحة العسكرية، وواكب معظم اللقاءات الثانوية مع دول الجوار كافة. .
وسننطلق في جولتنا الحوارية من عام 2009، ففي ذلك العام ارتأت اللجنة الدائمة للحدود الدولية، (بعد عرض عمل لجنة خط الأساس في حينه، والتي كانت مكلفة بإكمال متطلبات الحدود البحرية)، إشراك عدة جهات وزارية معها، وبالأخص وزارة النقل، وقيادة القوة البحرية في أعمالها. ففوجئ المجتمعون، بوجود خارطة دخيلة تبعث على الريبة (انظر الخارطة المرفقة)، وتؤشر مناطق عراقية وأخرى كويتية، وتنسحب من مناطق تقع قبالة إيران، قدمتها قيادة القوة البحرية وقتذاك، على أعتبارها منطقة عمل، مع العلم ان القيادة نفسها عرضت في حينها سلايدات عن تجاوزات كويتية وايرانية وقعت في عقر مياهنا الداخلية للمدة من ( 2005 - 2009 )، لكن المؤسف ان الخط الفاصل للحدود البحرية ورد في تلك الخارطة المريبة، منحرفاً بعد الدعامة 162 (المقابلة للعوامة 17)، وظهر زاحفاً بقوة نحو سواحلنا، من دون ان تستفسر القوة البحرية من مديريات المساحة (العسكرية والمدنية)، ومن دون أن تستأنس بآراء الخبراء في الموانئ العراقية لتصحيح خطئها الجسيم، وكانت تلك الخارطة تتضمن انحرافات كبيرة في المسارات باتجاه الفاو، وهذا يعني توسع المسطحات المائية الكويتية وتمددها إلى ما وراء خور عبد الله، وتغلغلها في أعماق مياهنا الداخلية، والأغرب من ذلك ان هذه المنطقة لم يشملها قرار مجلس الأمن رقم 833 لسنة 1993، ولم يتطرق لها أحد حتى بعد صيانة الحدود العراقية الكويتية عام 2013، بل رفض الفريق الفني العراقي العمل بها أو قبولها، لأنه كان يرى فيها إجحافاً كبيراً بحق السيادة العراقية، ولا شك ان الجهات المعنية في عام 2009 كانت على علم بها، ولابد ان أبلغتها الموانئ العراقية، وحذرتها من هذه الأخطاء الفادحة التي وردت في خارطة القوة البحرية، والتي تضمنت اعترافاً بانكماش مساحاتنا المائية المخصصة لدورياتنا، مقابل تراجعنا امام تمدد المساحات الكويتية. وبالتالي فان أي مراجع للخرائط البحرية الادميرالية الحديثة سيرى فيها ذلك الانحراف الكبير الذي طرأ على هذا الخط اعتباراً من عام 2009. وذلك تأسيساً على الانحرافات الصارخة التي وردت في خارطة القوة البحرية. وبالإمكان الاستئناس برأي الخبير الوطني (جمال الحلبوسي)، الذي واصل اعتراضه مراراً وتكراراً، معبراً عن رفضه لتوجهات قيادة القوة البحرية العراقية وقتذاك، وقدم ما يمكن تقديمه من معالجات وتقارير مدعومة بحقائق دامغة تعود في تاريخها إلى ما قبل صدور قرار 833، وذلك في محاولة وطنية جادة لتعديل هذا الخطأ الفادح الذي ابتليت به مياهنا الإقليمية عام 2009. .
كان من المفترض ان يكون التقاسم بعد الدعامة 162 اعتمادا على النقطة العميقة الفاصلة بين البلدين (خط التالوك)، وليس على المواقف المزاجية التي تسببت في خسارتنا لمياهنا، وتقهقرنا إلى الداخل، وكان يتعين على الجهات المعنية توفير مستلزمات الدعم للجهود الوطنية المخلصة من أجل تعديل وتصحيح الأخطاء التي رافقت تلك الهفوات. .
وسنكمل حديثنا في حلقة لاحقة. . .