الحرير/
بقلم/ناظم العامري
خلال رقودي في مستشفى الموانئ لأصابتي بالوباء اللعين في الردهة الوبائية عشت هذه القصة لمدة سبعة عشر يوما مَنَّ الله بفضله وجلاله وجهود الخيرين من الأطباء والممرضين ودعاء المحبين عليَّ بالشفاء .
لربما يتعدى ذلك الخيال والتصور . صورة تجسد الأيثار والغيرة العراقية اللامتناهية .
الشاب علي صلاح مهدي "النحيف" صاحب العيون الواسعة المغرورقة لمعانا او ما ينادونه "علي الطيب"
يمارس التمريض و الأسعافات الاولية بعد حصوله على دورات بالاسعافات الاولية والتمريض على حسابه الخاص . تطوع لانقاذ المصابين دون اجر او مقابل للعمل في مستشفى الموانئ منذ الايام الاولى لانتشار المرض ، يعمل طيلة ايام الاسبوع عدا يوم واحد يذهب به الى سكنه في منطقة اسكان الموانئ /حيث يسكن مع عائلته في حي الميثاق.
في بداية الوباء لازم الردهة الوبائية دون الذهاب الى البيت لمدة 4 اشهر . يفترش الارض بين الردهات على بساط ووسادة ليأخذ قيلولة او استراحة لظهره الذي يكاد ينحني من التعب ، نادرا مارأيته يخلع ما بقدميه (عذرا ولكنها الحقيقة)
ما ان ينادى عليه وكانه الوحيد الموجود في الردهة (علي الطيب... علي الطيب )ينهض راكضا وحقيبة العلاجات متنوعة الاستخدامات بيده ليصل الى المصاب ويبدأ بأسعافه وبكلام يطيب خاطره وليمده املا بالحياة .
جميع الاطباء والعاملين والراقدين ومرافقيهم يشيدون بأمكانياته المهنية واخلاصه وطاقته المستمدة من ايمانه بالله بان هذا العمل هو رصيده للاخرة ودفع البلاء عنه في الدنيا . أنقذ مئات المصابين من الحالات الشديدة وما دون ذلك .
ابيُّ النفس لايقبل الاكرامية او الهدية بتاتا سوى كلمة "رحم الله والديك " و "الله يستر عليك " .
اصيب ثلاث مرات وتعافى بفضل الله ليستمر بانقاذ الاخرين ، حاليا لديه خمس مصابين من اهله واقربائه يسرق قدميه ساعتين لعلاجهم ثم يعود للردهة .
لمثل هذا الانموذج الشريف الغيور ماذا بأمكان السيد محافظ البصرة الغيور ان يقدم له من دعم مادي ومعنوي ؟ ماذا يستطيع الكابتن فرحان الفرطوسي /مدير عام شركة الموانئ العراقية ان يقدم له من المنافع الاجتماعية وبصلاحيته المتاحه؟ ماذا تستطيع وزارة الصحة او مديرية صحة البصرة ان تقدم ؟بماذا يجود ميسوري الحال لدعم هذا الشاب الاعزب تولد 1996 ليكون حافزا ودعما ، لتبقى صورة تجسيد الغيرة العراقية اللامتناهية مشرقة للانسانيه .سؤال مطروح لاهل الغيرة والحمية ...